للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الله تعالى، ولفظة على مشعرة بالإيجاب، فظاهره غير مراد، فإما أن يكون المراد وحسابهم إلى الله أو لله، وأنه يجب أن يقع لا أنه تعالى يجب عليه شيء خلافًا للمعتزلة القائلين بوجوب الحساب عقلاً، فمن من باب التشبيه له بالواجب على العباد في أنه لا بدّ من وقوعه، واقتصر على الصلاة والزكاة لكونهما أُمًّا للعبادات البدنية والمالية، ومن ثم كانت الصلاة عماد الدين والزكاة قنطرة الإسلام.

ويؤخذ من هذا الحديث قبول الأعمال الظاهرة والحكم مما يقتضيه الظاهر، والاكتفاء في قبول الإيمان بالاعتقاد الجازم خلافًا لمن أوجب تعلم الأدلة وترك تكفير أهل البدع المقرين بالتوحيد الملتزمين للشرائع، وقبول توبة الكافر من غير تفصيل بين كفر ظاهر أو باطن. وفيه رواية الأبناء عن الآباء، وفيه التحديث والعنعنة والسماع، وفيه الغرابة مع اتفاق الشيخين على تصحيحه، لأنه تفرّد بروايته شعبة عن واقد قاله ابن حبان، وهو عن شعبة عزيز تفرد بروايته عنه حرمي المذكور وعبد الملك بن الصباح، وهو عزيز عن حرمي تفرد به عنه المسندي وإبراهيم بن محمد بن عرعرة، ومن جهة إبراهيم أخرجه أبو عوانة وابن حبان والإسماعيلي وغيرهم، وهو غريب عن عبد الملك تفرّد به عنه أبو غسان مالك بن عبد الواحد شيخ مسلم، وليس هو في مسند أحمد على سعته، قاله الحافظ ابن حجر: وأخرجه البخاري أيضًا في الصلاة كما سيأتي إن شاء الله تعالى بعون الله وقوته.

ولما فرغ المؤلف من التنبيه على أن الأعمال من الإيمان ردًّا على المرجئة شرع يذكر أن الإيمان هو العمل ردًّا على المرجئة حيث قالوا إن الإيمان قول بلا عمل فقال:

١٨ - باب مَنْ قَالَ إِنَّ الإِيمَانَ هُوَ الْعَمَلُ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ﴿وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾. وَقَالَ عِدَّةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ عَنْ قَوْلِ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. وَقَالَ ﴿لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ﴾

(باب) بغير تنوين لإضافته إلى قوله: (من قال إن الإيمان هو العمل لقول الله تعالى) ولأبوي ذر والوقت ﷿ (وتلك) مبتدأ خبره (الجنة التي أورثتموها) أي صيرت لكم إرثًا فأطلق الإرث مجازًا عن الإعطاء لتحقق الاستحقاق أو المورث الكافر وكان له نصيب منه، ولكن كفره منعه فانتقل منه إلى المؤمن. وقال البيضاوي: شبّه جزاء العمل بالميراث لأنه يخلفه عليه العامل، والإشارة إلى الجنة المذكورة في قوله تعالى: ﴿ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُون﴾ [الزخرف: ٧٠]. والجملة صفة للجنة، أو الجنة صفة للمبتدأ الذي هو تلك، والتي أورثتموها صفة أخرى والخبر ﴿بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُون﴾ [الزخرف: ٧٢]. أي تؤمنون. وما مصدرية أي بعملكم أو موصولة أي بالذي كنتم تعملونه، والباء للملابسة أي أورثتموها ملابسة لأعمالكم أي لثواب أعمالكم أو للمقابلة، وهي التي تدخل على الأعواض كاشتريت بألف، ولا تنافي بين ما في الآية وحديث لن يدخل أحد الجنة

<<  <  ج: ص:  >  >>