(باب) سنّة (الوضوء قبل الغسل) بفتح الغين وضمها على ما سبق، وإنما قدّم الوضوء على الغسل لفضل أعضاء الوضوء، ولا يحتاج إلى إفراد هذا الوضوء بنيّة كما قاله الرافعي بناء على اندراجه في الغسل زاد في الروضة.
قلت: المختار أنه إن تجردت جنابته عن الحدث نوى بوضوئه سُنَّة الغسل، وإن اجتمعا نوى به رفع الحدث الأصغر، وقال المالكية: ينوي به رفع حدث الجنابة عن تلك الأعضاء ولو نوى الفضيلة وجب عليه إعادة غسلها.
وبه قال:(حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي (قال: أخبرنا مالك) الإمام (عن هشام) هو ابن عروة (عن أبيه) عروة بن الزبير بن العوام (عن عائشة زوج النبي ﷺ).
(أن النبي ﷺ كان إذا اغتسل) أي إذا أراد أن يغتسل (من الجنابة) أي لأجلها فمن سببية (بدأ فغسل يديه) قبل الشروع في الوضوء والغسل لأجل التنظيف مما بهما من مستقذر أو لقيامه من النوم، ويدل عليه زيادة ابن عيينة في هذا الحديث عن هشام قبل أن يدخلهما في الإناء رواه الترمذي، وزاد أيضًا ثم يغسل فرجه وكذا لمسلم وهي زيادة حسنة لأن تقديم غسله يحصل به إلا من مسّه في أثناء الغسل، (ثم يتوضأ) ولأبي ذر ثم توضأ (كما يتوضأ للصلاة) ظاهره أنه يتوضأ وضوءًا كاملاً وهو مذهب الشافعي ومالك. وقال الفاكهاني في شرح العمدة: وهو المشهور، وقيل يؤخر غسل قدميه إلى ما بعد الغسل لحديث ميمونة الآتي إن شاء الله تعالى، وللمالكية قول ثالث وهو إن كان موضعه وسخًا أخّر وإلا فلا، وعند الحنفية إن كان في مستنقع يؤخر وإلاّ فلا ثم إن ظاهره مشروعية التكرار ثلاثًا وهو كذلك، لكن قال عياض: إنه لم يأت في شيء من وضوء الجنب ذكر التكرار، وقد قال بعض شيوخنا إن التكرار في الغسل لا فضيلة فيه. وأجيب: بأن إحالتها على وضوء الصلاة تقتضيها ولا يلزم من أنه لا فضيلة في عمل الغسل أن لا تكون في وضوئه، ومن شيوخنا من كان يفتي سائله بالتكرار وكان غيره يفتي بتركه قاله أبو عبد الله الأبي.
(ثم يدخل أصابعه في الماء فيخلل بها) أي بأصابعه التي أدخلها في الماء (أصول شعره) أي شعر رأسه كما يدل عليه رواية حماد بن سلمة عن هشام يخلل بها شق رأسه الأيمن، فيتبع بها أصول الشعر ثم يفعل بشقه الأيسر، كذلك رواه البيهقي وللمستملي والحموي أصول الشعر بالتعريف