(باب قوله) تعالى: (﴿والأرض جميعًا قبضته يوم القيامة﴾) القبضة بفتح القاف المرة من القبض أطلقت بمعنى القبضة بالضم وهي المقدار المقبوض بالكف تسمية بالمصدر أو بتقدير ذات قبضته (﴿والسماوات مطويات بيمينه﴾) قال ابن عطية اليمين هنا والقبضة عبارة عن القدرة وما اختلج في الصدور من غير ذلك باطل وما ذهب إليه القاضي يعني أبا الطيب من أنها صفات زائدة على صفات الذات قول ضعيف وبحسب ما يختلج في النفوس قال ﷿: (﴿سبحانه وتعالى عما يشركون﴾)[الزمر: ٦٧] أي هو منزّه عن جميع ما وصف به المجسمون المشبهون وتأكيد الأرض بالجميع لأن المراد بها الأرضون السبع أو جميع أبعاضها البادية والغائرة وخص ذلك بيوم القيامة ليدل على أنه كما ظهر كمال قدرته في الإيجاد عند عمارة الدنيا يظهر كمال قدرته في الإعدام عند خراب الدنيا وسقط لأبي ذر قوله والسماوات الخ.
وبه قال:(حدّثنا سعيد بن عفير) بضم العين المهملة وفتح الفاء مصغرًا نسبه لجدّه لشهرته به واسم أبيه كثير المصري (قال: حدّثني) بالإفراد (الليث) بن سعد الإمام (قال: حدّثني) بالإفراد (عبد الرحمن بن خالد بن مسافر) الفهمي المصري (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف (أن أبا هريرة)﵁: (قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول):
(يقبض الله الأرض ويطوي السماوات) وفي نسخة السماء "بيمينه" يطلق الطيّ على الأدراج كطيّ القرطاس كما قال الله تعالى: ﴿يوم نطوي السماء كطي السجل للكتاب﴾ [الأنبياء: ١٠٤] وعلى الإفناء تقول العرب طويت فلانًا بسيفي أي أفنيته وقال القاضي عبر عن إفناء الله تعالى هذه المظلة والمقلة ورفعهما من البين إخراجهما من أن يكونا مأوى ومنزلًا لبني آدم بقدرته الباهرة التي تهون عليها الأفعال العظام التي تتضاءل دونها القوى والقدر وتتحير فيها الأفهام والفكر على طريقة التمثيل والتخييل (ثم يقول: أنا الملك أين ملوك الأرض).
ولمسلم من حديث ابن عمر مرفوعًا "يطوي الله السماوات يوم القيامة ثم يأخذهنّ بيده اليمنى ثم يقول أنا الملك أين الجبارون أين المتكبرون ثم يطوي الأرض بشماله ثم يقول أنا الملك"