(يا أبا هريرة جف القلم بما أنت لاقٍ) أي نفذ المقدور بما كتب في اللوح المحفوظ فبقي القلم الذي كتب به جافًّا لا مداد فيه لفراغ ما كتب به (فاختص) بكسر الصاد المهملة المخففة أمر من الاختصاء (على ذلك) أي فاختص حال استعلائك على العلم بأن كل شيء بقضاء الله وقدره فالجار والمجرور متعلق بمحذوف (أو ذر) أي أترك وفي رواية الطبري فاقتصر بالراء بعد الصاد ومعناه كما في شرح المشكاة اقتصر على الذي أمرتك به أو اتركه وافعل ما ذكر من الخصاء، وعلى الروايتين فليس الأمر فيه لطلب الفعل بل هو للتهديد كقوله تعالى: ﴿وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر﴾ [الكهف: ٢٩].
(باب نكاح الأبكار. وقال ابن أبي مليكة) عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة واسمه زهير الأحول المكي فيما وصله المؤلّف في تفسير سورة النور (قال ابن عباس لعائشة)﵃: (لم ينكح النبي ﷺ بكرًا غيرك) والبكر هي التي لم توطأ.
وبه قال:(حدّثنا إسماعيل بن عبد الله) هو ابن أبي أويس القرشي التيمي ابن أخت الإمام مالك بن أنس وصهره على ابنته (قال: حدّثني) بالإفراد (أخي) عبد الحميد أبو بكر الأعشى (عن سليمان) بن بلال (عن هشام بن عروة عن أبيه) عروة بن الزبير بن العوّام (عن عائشة ﵂) أنها (قالت: قلت: يا رسول الله أرأيت) أي أخبرني (لو نزلت واديًا وفيه شجرة قد أكل منها) بضم الهمزة وكسر الكاف (ووجدت شجرة لم يؤكل منها) بالإفراد في شجرة في الموضعين.
وقال في الفتح: وفي رواية أبي ذر وفيه شجرة قد أكل منها ووجدت شجرًا يعني بالإفراد في الأولى والجمع في الثانية. قلت: وهو الذي في اليونينية من غير عزو لرواية. وذكره الحميدي بلفظ فيه شجر قد أكل منها، وكذا في مستخرج أبي نعيم بلفظ الجمع وهو أصوب لقولها (في أيها) أي في أي الشجر (كنت ترتع بعيرك) بضم أوّله وكسر ثالثه ولو أرادت الموضعين لقالت في أيّهما (قال)ﷺ:
ارتع (في) الشجر (التي لم يرتع منها) بضم التحتية وفتح الفوقية والراء بينهما ساكنة وزاد أبو نعيم فأنا هيه بكسر الهاء وفتح التحتية وسكون الهاء وهي للسكت (يعني) بالتحتية في الفرع وبالفوقية في غيره وهو الذي في اليونينية أي تعني عائشة (أن رسول الله ﷺ لم يتزوّج بكرًا غيرها)