للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي حديث علي بن أبي طالب، عند أبي داود، بسند حسن مرفوعًا: مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم. وهو يحصل بالأولى، أما الثانية فسُنّة.

وقال الحنفية، يجب الخروج من الصلاة به، ولا نفرضه، لقوله : "إذا قعد الإمام في آخر صلاته، ثم أحدث قبل أن يسلم فقد تمت صلاته".

قالوا وما استدلّ به الشافعية لا يدل على الفرضية، لأنه خبر الواحد بل يدل على الوجوب، وقد قلنا به: اهـ. وهذا جارٍ على قاعدتهم.

وقال المرداوي من الحنابلة في مقنعه: يسلم مرتبًا معرّفًا وجوبًا مبتدئًا عن يمينه جهرًا مسرًّا به عن يساره. اهـ.

ولم يذكر في هذا الحديث التسليمتين، لكن رواهما مسلم من حديث ابن مسعود، وسعد بن أبي وقاص، بل ذكرهما الطحاوي من حديث ثلاثة عشر صحابيًّا، وزاد غيره سبعة، وبذلك أخذ الإمام الشافعي، وأبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد.

وقال المالكية: السلام واحدة، واستدلّ له بحديث عائشة المروي في السُّنن: أنه ، كان يسلم تسليمة واحدة: السلام عليكم. يرفع بها صوته حتى يوقظنا بها.

وأجيب: بأنه حديث معلول، كما ذكره العقيلي، وابن عبد البر، وبأنه في قيام الليل. والذين رووا عنه التسليمتين رووا ما شهدوا في الفرض والنفل، وحديث عائشة ليس صريحًا في الاقتصار على تسليمة واحدة، بل أخبرت أنه كان يسلم تسليمة يوقظهم بها، ولم تنفِ الأخرى، بل سكتت عنها، وليس سكوتها عنها مقدمًا على رواية من حفظها وضَبَطَها وهم أكثر عددًا، وأحاديثهم أصح.

فرع من المجموع، قال الشافعي والأصحاب: إذا اقتصر الإمام على تسليمة، سنّ للمأموم تسليمتان، لأنه خرج عن المتابعة بالأولى، بخلاف التشهد الأوّل، لو تركه الإمام لزم المأموم تركه، لأن المتابعة واجبة عليه قبل السلام.

١٥٣ - باب يُسَلِّمُ حِينَ يُسَلِّمُ الإِمَامُ

وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَسْتَحِبُّ إِذَا سَلَّمَ الإِمَامُ أَنْ يُسَلِّمَ مَنْ خَلْفَهُ.

هذا (باب) بالتنوين (يسلم) المأموم (حين يسلم الإمام) وهذه الترجمة لفظ حديث الباب، ومقتضاه مقارنة سلام المأموم لسلام الإمام، وهو جائز كبقية الأركان، إلا تكبيرة الإحرام، لأنه لا يصير في صلاة حتى يفرغ منها. فلا يربط صلاته بمن ليس في صلاة.

وكأن المؤلّف أشار إلى أنه يندب أن لا يتأخر المأموم في سلامه بعد الإمام متشاغلاً بدعاء وغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>