للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا الحديث سبق في الزكاة.

٢٥ - باب اللِّعَانِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:

﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلاَّ أَنْفُسُهُمْ﴾ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ فَإِذَا قَذَفَ الأَخْرَسُ امْرَأَتَهُ بِكِتَابَةٍ أَوْ إِشَارَةٍ أَوْ بِإِيمَاءٍ مَعْرُوفٍ فَهْوَ كَالْمُتَكَلِّمِ، لأَنَّ النَّبِيَّ قَدْ أَجَازَ الإِشَارَةَ فِي الْفَرَائِضِ، وَهْوَ قَوْلُ بَعْضِ أَهْلِ الْحِجَازِ وَأَهْلِ الْعِلْمِ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا﴾ وَقَالَ الضَّحَّاكُ ﴿إِلاَّ رَمْزًا﴾ إِشَارَةً. وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: لَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ. ثُمَّ زَعَمَ أَنَّ الطَّلَاقَ بِكِتَابٍ أَوْ إِشَارَةٍ أَوْ إِيمَاءٍ جَائِزٌ. وَلَيْسَ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْقَذْفِ فَرْقٌ. فَإِنْ قَالَ: الْقَذْفُ لَا يَكُونُ إِلاَّ بِكَلَامٍ، قِيلَ لَهُ: كَذَلِكَ الطَّلَاقُ لَا يَجُوزُ إِلاَّ بِكَلَامٍ، وَإِلاَّ بَطَلَ الطَّلَاقُ وَالْقَذْفُ، وَكَذَلِكَ الْعِتْقُ. وَكَذَلِكَ الأَصَمُّ يُلَاعِنُ. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ وَقَتَادَةُ: إِذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فَأَشَارَ بِأَصَابِعِهِ تَبِينُ مِنْهُ بِإِشَارَتِهِ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: الأَخْرَسُ إِذَا كَتَبَ الطَّلَاقَ بِيَدِهِ لَزِمَهُ. وَقَالَ حَمَّادٌ: الأَخْرَسُ وَالأَصَمُّ إِنْ قَالَ بِرَأْسِهِ جَازَ.

(باب اللعان) والقذف واللعان مصدر لاعن سماعي لا قياسي، والقياس الملاعنة وهو من اللعن وهو الطرد والإبعاد يقال منه التعن أبي لعن نفسه ولاعن إذ فاعل غيره منه ورجل لعنة بفتح العين وضم اللام كهمزة إذا كان كثير اللعن لغيره وبسكون العين إذا لعنه الناس كثيرًا الجمع لعن كصرد ولاعن امرأته ملاعنة ولعانًا وتلاعنًا. والتعنا لعن بعض بعضًا، ولاعن الحاكم بينهما لعانًا حكم، وفي الشرع كلمات معلومات جعلت حجة للمضطر إلى قذف من لطخ فراشه وألحق العار به أو إلى نفي ولد سميت لعانًا لاشتمالها على كلمة اللعن تسمية للكل باسم البعض ولأن كلاًّ من المتلاعنين يبعد عن الآخر بها إذ يحرم النكاح بها أبدًا، واختير لفظ اللعان على لفظي الشهادة والغضب وإن اشتملت عليهما الكلمات أيضًا لأن اللعن كلمة غريبة في قيام الحجج من الشهادات والإيمان والشيء يشهر بما يقع فيه من الغريب، وعليه جرت أسماء السور ولأن الغضب يقع في جانب المرأة وجانب الرجل أقوى ولأن لعانه متقدم على لعانها والتقدم من أسباب الترجيح.

(وقول الله تعالى) بالجر عطفًا على سابقه المجرور بالإضافة: (﴿والذين يرمون أزواجهم﴾) يقذفون زوجاتهم بالزنا (﴿ولم يكن لهم شهداء﴾) يشهدون على تصديق قولهم (﴿إلا أنفسهم﴾) رفع بدل من شهداء أو نعت له على أن إلا بمعنى غير (إلى قوله) ﷿: (﴿إن كان من الصادقين﴾) [النور: ٦] وسقط لأبي ذر ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم، وساق في رواية كريمة الآيات كلها ولما كان قوله يرمون أعم من أن يكون باللفظ أو بالإشارة المفهمة قال: (فإذا قذف الأخرس امرأته) رماها بالزنا في معرض التعيير (بكتابة) ولأبي ذر عن الكشميهني بكتاب (أو إشارة) مفهمة باليد (أو بإيماء) بالرأس أو الجفن (معروف فهو كالمتكلم) بالقذف فيترتب عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>