وقد ترجم المؤلّف، قبل ثمانية أبواب، بباب: ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور، ويحتاج إلى الفرق بين الترجمين، فقال ابن رشيد: الاتخاذ أعم من البناء، فلذلك أفرده بالترجمة، ولفظها يقتضي أن بعض الاتخاذ لا يكره، فكأنه يفصل بين ما إذا ترتبت على الاتخاذ مفسدة أم لا. وقال الزين بن المنير: كأنه قصد بالترجمة الأولى اتخاذ المساجد لأجل القبور، بحيث لولا تجدّد القبر ما اْتخذ المسجد، وبهذه بناء المسجد في المقبرة على حدته، لئلا يحتاج إلى الصلاة، فيوجد مكان يصلّي فيه سوى المقبرة، فلذلك نحا به منحى الجواز. اهـ. قال في الفتح: والمنع من ذلك إنما هو حال خشية أن يصنع بالقبر كما صنع أولئك الذين لعنوا.
وهذا الحديث مضى في باب: هل تنبش قبور مشركي الجاهلية؟.
وبه قال:(حدّثنا محمد بن سنان) العوقي، بفتح الواو وبالقاف، الباهلي البصري (قال: حدّثنا فليح بن سليمان) قال: الواقدي: اسمه عبد الملك، وفليح، لقب غلب عليه. وسقط: ابن سليمان، عند أبي ذر، قال:(حدّثنا هلال بن علي) هو: ابن أسامة العامري (عن أنس) هو: ابن مالك (﵁، قال):
(شهدنا بنت رسول الله، ﷺ)، أم كلثوم زوج عثمان بن عفان (ورسول الله، ﷺ، جالس على) جانب (القبر) -الجملة اسمية حالية (فرأيت عينيه تدمعان) بفتح الميم، وفيه جواز البكاء حيث لا صياح، ولا غيره. مما ينكر شرعًا، كما سبق (فقال):
(هل فيكم من أحد لم يقارف الليلة) بالقاف والفاء، أي: لم يجامع أهله، ومثله في الكناية قوله تعالى: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٧] وقد كان من عادة أدب القرآن أن يكني عن الجماع باللمس لبشاعة التصريح، فعكس، فكني عن الجماع بالرفث، وهو أبشع تقبيحًا لفعلهم لينزجروا عنه، وكذلك كني في هذا الحديث عن المباح بالمحظور لصون جانب بنت الرسول عما ينبئ عن الأمر المستهجن (فقال أبو طلحة) زيد بن سهل الأنصاري: (أنا) لم أقارف الليلة (قال)﵊: (فأنزل في قبرها).