وفيه تنبيه على اتحاد قصة ابن مسعود السابقة، وابن عباس هذه. قيل: وإنما سجد، ﵊ لما وصفه الله تعالى في مفتتح السورة من أنه ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى﴾ [النجم: ٣] وذكر بيان قربه منه تعالى وأنه ﴿رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى﴾ [النجم: ١٨] وأنه ﴿مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى﴾ [النجم: ١٧] شكرًا لله تعالى على هذه النعمة العظمى.
(وسجد معه المسلمون والمشركون) أي: الحاضر منهم، أي: لما سمعوا ذكر طواغيتهم ﴿اللَّاتَ وَالْعُزَّى (١٩) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى﴾ [النجم: ١٩ - ٢٠] لا لما قيل، مما لا يصح: أنه أثنى على آلهتهم.
وكيف يتصوّر ذلك، وقد أدخل همزة الإنكار على الاستخبار، بعد الفاء في قوله في السورة ﴿أَفَرَأَيْتُمُ﴾ [النجم: ١٩] المستدعية لإنكار فعل الشرك؟.
والمعنى: أتجعلون هؤلاء أي: اللات والعزى ومناة، شركاء؟ فأخبروني بأسماء هؤلاء إن كانت آلهة وما هي ﴿إِلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا﴾ بمجرد متابعة الهوى، لا عن حجة أنزل الله تعالى بها.
ملخصًا من شرح المشكاة.
وليكن لنا إلى تحرير المبحث في هذه القصة عودة في سورة: الحج، إن شاء الله تعالى.
وفي كتابي: المواهب اللدنية، من ذلك ما يكفي ويشفي، ولله الحمد والمنة.
(و) كذا سجد معه ﵊ (الجن والإنس) هو من باب الإجمال بعد التفصيل، كما في قوله تعالى: ﴿تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ﴾ قاله الكرماني.
وزاد صاحب اللامع الصبيح: أو تفصيل بعد إجمال، لأن كلاًّ من المسلمين والمشركين شامل للإنس والجن.
فإن قلت: من أين علم ابن عباس سجود الجن؟ جوزنا جواز رؤيتهم بطريق الكشف، لكن ابن عباس لم يحضر القصة لصغر سنه؟.
أجيب: باحتمال استناده في ذلك إلى إخباره ﵊، إما بالمشافهة له، أو بواسطة.
(ورواه) أي الحديث (ابن طهمان) بفتح الطاء وسكون الهاء آخره نون، ولأبي الوقت في نسخة، وأبي ذر والأصيلي: إبراهيم بن طهمان (عن أيوب) السختياني.
والحديث أخرجه أيضًا في التفسير، والترمذي في: الصلاة.
٦ - باب مَنْ قَرَأَ السَّجْدَةَ وَلَمْ يَسْجُدْ
(باب من قرأ السجدة) أي آيتها (و) الحال أنه (لم يسجد).