وبقية مباحث الحديث تأتي إن شاء الله تعالى في محالها، وقد أخرجه في النكاح والقدر والمغازي والعتق والتوحيد، ومسلم وأبو داود في النكاح والنسائي في العتق وعشرة النساء.
١١٠ - باب بَيْعِ الْمُدَبَّرِ
(باب بيع المدبر) وهو المعلق عتقه بموت سيده كأن يقول لعبده إذا من فأنت حرّ.
وبه قال:(حدّثنا ابن نمير) محمد بن عبد الله قال: (حدّثنا وكيع) هو ابن الجراح الرؤاسي قال: (حدّثنا إسماعيل) بن أبي خالد (عن سملة بن كهيل) بضم الكاف مصغرًا الحضرمي (عن عطاء) هو ابن أبي رباح (عن جابر) هو ابن عبد الله الأنصاري (﵁) أنه (قال: باع النبي ﷺ) يعقوب (المدبر) الذي أعتقه سيده أبو مذكور عن دبر وكان عليه دين ولم يكن له مال غيره من نعيم النحام بثمانمائة درهم. وعند أبي داود من طريق هشيم عن إسماعيل بسبعمائة أو تسعمائة على الشك فدفعها إليه وقال له كما في مسلم وغيره ابدأ بنفسك فتصدّق عليها. وعند النسائي من طريق الأعمش عن سلمة بن كهيل فأعطاه وقال اقضِ دينك، وقد اتفقت الروايات كلها على أن بيعه كان في حياة الذي دبره إلا ما رواه شريك عن سلمة بن كهيل أن رجلاً مات وترك مدبرًا ودينًا فأمرهم النبي ﷺ فباعوه في دينه بثمانمائة درهم أخرجه الدارقطني. ونقل عن شيخه أبي بكر النيسابوري أن شريكًا أخطأ فيه، والصحيح ما رواه الأعمش وغيره عن سلمة وفيه ودفع ثمنه إليه، وللنسائي من وجه آخر عن إسماعيل بن أبي خالد ودفع ثمنه إلى مولاه وقد كان شريك تغير حفظه لما ولي القضاء والتدبير تعليق عتق بصفة، وفي قول وصية للعبد يعتقه فلو باعه السيد ثم ملكه لم يعد التدبير ولو رجع عنه بقول كأبطلته أو فسخته أو رجعت فيه صح إن قلنا إنه وصية وإلا فلا يصح وهل التدبير عقد جائز أم لازم؟ فمن قال لازم منع التصرف فيه إلا بالعتق فلا يصح بيعه، ومن قال جائز أجاز بيعه، وبالأول قال مالك والكوفيون، وبالثاني قال الشافعي وأهل الحديث لحديث الباب، ولأن من أوصى بعتق شخص جاز بيعه بالاتفاق فيلحق به بيع المدبر لأنه في معنى الوصي. وأجاب الأول بأنها واقعة عين لا عموم لها فتحمل على بعض الصور وهو اختصاص الجواز بما إذا كان عليه دين وهو مشهور قول أحمد.
وهذا الحديث قد سبق في باب بيع المزايدة وفي إسناده ثلاثة من التابعين إسماعيل وسلمة وعطاء، وأخرجه أبو داود في العتق، والنسائي فيه وفي البيوع والقضاء وابن ماجة في الأحكام.