زعم أبو مسعود في الأطراف وأقره المزي عليه فقد أخرجه الإمام أحمد وغيره كالبخاري ليس فيه زائدة عن أبي طوالة وقد ثبت سماع أبي إسحاق من أبي طوالة أنه (قال: سمعت أنسًا ﵁ يقول: دخل رسول الله ﷺ على ابنة ملحان) بكسر الميم وسكون اللام بعدها حاء مهملة فألف فنون أم حرام خالة أنس (فاتكأ عندها) فنام (ثم ضحك) بعد أن استيقظ من نومه (فقالت): أم حرام (لم تضحك يا رسول الله؟ فقال):
(ناس) أي أضحكني ناس (من أمتي يركبون البحر الأخضر في سبيل الله، مثلهم) في الدنيا أو في الجنة (مثل الملوك على الأسرة). (فقالت: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم قال): ولأبي ذر: فقال: (اللهم اجعلها منهم)(ثم عاد) إلى النوم ثم استيقظ (فضحك، فقالت له مثل-) أي مثل قولها الأول لم تضحك (أو) قالت (مم. ذلك)؟ أي الضحك (فقال لها مثل ذلك)، ناس من أمتي يركبون إلى آخره، لكن قيل في هذا يركبون البر وهو ظاهر (فقالت: ادع الله أن يجعلني منهم قال): (أنت من الأولين) الذين يركبون البحر (ولست من الآخرين) الذين يركبون البر (قال) أبو طوالة: (قال أنس: فتزوجت عبادة بن الصامت) وفي رواية إسحاق عن أنس في أول الجهاد وكانت أم حرام تحت عبادة بن الصامت فدخل عليها رسول الله ﷺ وظاهر هذه أنها كانت حينئذٍ زوجته بخلاف الأولى. وأجيب: بأنها كانت إذ ذاك زوجته ثم طلقها ثم راجعها بعد ذلك قاله ابن التين، وقيل إنما تزوجها بعد ذلك وهذا أولى لموافقة محمد بن يحيى بن حبان عن أنس على أن عبادة تزوجها بعد كما سيأتي إن شاء الله تعالى في باب ركوب البحر، ويحمل قوله في رواية إسحاق وكانت تحت عبادة على أنه جملة معترضة أراد الراوي وصفها به غير مقيد بحال من الأحوال وظهر من رواية غيره أنه إنما تزوجها بعد ذلك قاله في الفتح.
(فركبت البحر مع بنت قرظة)، بالقاف والراء والظاء المعجمة المفتوحات فاختة امرأة معاوية بن أبي سفيان وكان أخذها معه لما غزا قبرص في البحر سنة ثمان وعشرين وهو أوّل من ركب البحر للغزاة في خلافة عثمان ﵄ وقرظة هو ابن عبد عمرو بن نوفل بن عبد مناف وليس هو قرظة بن كعب الأنصاري، (فلما قفلت) أي رجعت (ركبت دابتها، فوقصت بها)، بفتح الواو (فسقطت عنها فماتت). الوقص كسر العنق يقال: وقصت عنقه أقصها وقصًا ووقصت به راحلته كقولك خذ الخطام وخذ بالخطام، ولا يقال وقصت العنق نفسها ولكن يقال وقص الرجل فهو موقوص.