للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٧ - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا﴾ [النساء: ١٦٢، الإسراء: ٥٥] ﴿الزُّبُرُ﴾: الْكُتُبُ وَاحِدُهَا زَبُورٌ. زَبَرْتُ: كَتَبْتُ. ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ﴾ [سبأ: ١٠ - ١١]: قَالَ مُجَاهِدٌ سَبِّحِي مَعَهُ. ﴿وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ * أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ﴾: الدُّرُوعَ. ﴿وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ﴾: الْمَسَامِيرِ وَالْحَلَقِ، وَلَا يُدِقَّ الْمِسْمَارَ فَيَتَسَلْسَلَ، وَلَا تُعَظِّمْ فَيَفْصِمَ. ﴿أفرِغْ﴾: أنزِلْ. ﴿بسطةً﴾: زيادةً وفضلاً. ﴿وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾.

(باب قول الله تعالى: ﴿وآتينا داود﴾) هو ابن إيشا بهمزة مكسورة وتحتية ساكنة بعدها شين معجمة ابن عوبد بعين مهملة ثم موحدة بينهما واو ساكنة آخره دال مهملة بوزن جعفر بن باعر بموحدة فألف فعين مهملة مفتوحة فراء ابن سلمون بن رياب بتحتية آخره موحدة ابن رام بن حضرون بمهملة مفتوحة فمعجمة ابن فارص بفاء فألف فراء فصاد مهملة ابن يهوذا بن يعقوب (﴿زبورًا﴾) [النساء: ١٦٣]. (الزبر) هي (الكتب واحدها زبور زبرت) أي (كتبت) وهذا ثابت للكشميهني والمستملي، وكان فيها التحميد والتمجيد والثناء على الله ﷿. وقال القرطبي: كان فيه مائة وخمسون سورة ليس فيها حكم ولا حلال ولا حرام، وإنما هي حكم ومواعظ.

وكان داود حسن الصوت إذا أخذ في قراءة الزبور اجتمع عليه الإنس والجن والوحش والطير لحسن صوته (﴿ولقد آتينا داود منا فضلاً﴾) نبوة وكتابًا أو ملكًا أو جميع ما أوتي من حسن الصوت بحيث إنه كان إذا سبح تسبح معه الجبال الراسيات الصم الشامخات وتقف له الطيور السارحات والغاديات والرائحات وتجاوبه بأنواع اللغات وتليين الحديد وغير ذلك مما خص به (﴿يا جبال﴾) محكي بقول مضمر، ثم إن شئت قدرته مصدرًا ويكون بدلاً من فضلاً على جهة تفسيره به كأنه قيل آتيناه فضلاً قولنا يا جبال وإن شئت قدرته فعلاً، وحينئذ لك وجهان إن شئت جعلته بدلاً من آتيناه معناه آتينا قلنا يا جبال وإن شئت جعلته مستأنفًا وثبت للمستملي والكشميهني قوله: ﴿ولقد آتينا داود﴾ الخ .. (﴿أوّبي معه﴾).

(قال مجاهد): فيما وصله الفريابي أي (سبحي معه) وعن الضحاك هو التسبيح بلغة الحبشة.

قال ابن كثير: وفي هذا انظر فإن التأويب في اللغة هو الترجيع، وقال ابن وهب: نوحي معه وذلك إما بخلق صوت مثل صوته فيها، أو بحملها إياه على التسبيح إذا تأمل ما فيها، وقيل: سيري معه حيث سار والتضعيف للتكثير.

(﴿والطير﴾) نصب في قراءة العامة عطفًا على محل جبال لأنه منصوب تقديرًا ويجوز الرفع به قرأ روح عطفًا على جبال وفي هذا من الفخامة والدلالة على عظمة داود وكبرياء سلطانه ما فيه حيث جعل الجبال والطيور كالعقلاء المنقادين لأمره وليس التأويب منحصرًا في الطير والجبال،

<<  <  ج: ص:  >  >>