وبه قال:(حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: (حدّثنا أبو عوانة) الوضاح اليشكري (عن قتادة عن صفوان بن محرز) بضم الميم وسكون المهملة بعدها راء مكسورة فزاي المازني البصري (أن رجلاً) أي يسم نعم في الطبراني أن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عمر حدثني فذكر الحديث، فيحتمل أن يكون هو الرجل المبهم (سأل ابن عمر)﵁(كيف سمعت رسول الله ﷺ يقول في النجوى) بالنون والجيم وهي المسارة التي تقع بين الله ﷿ وبين عبده المؤمن يوم القيامة وأصل ذلك أن يخلو في نجوة من الأرض أو من النجاة وهو أن تنجو بسرك من أن يطلع عليه أحد وأصله المصدر وقد يوصف به فيقال هو نجوى وهم نجوى (قال)ﷺ:
(يدنو) أي يقرب (أحدكم من ربه) قرب كرامة وعلو منزلة (حتى يضع كنفه) بفتح الكاف والنون والفاء أي ستره (عليه فيقول)﷿ له (عملت كذا وكذا) وفي رواية همام السابقة في المظالم فيقول أتعرف ذنب كذا وكذا (فيقول: نعم، ويقول)﷿ له (عملت كذا وكذا فيقول نعم فيقرره) بذنوبه وفي رواية سعيد بن جبير المذكور فيلتفت يمنة ويسرة فيقول لا بأس عليك إنك في ستري لا يطلع على ذنوبك غيري (ثم يقول: إني سترت عليك) سيئاتك (في الدنيا فأنا) بالفاء ولأبي ذر وأنا (أغفرها لك اليوم) زاد همام وسعيد وهشام فيعطى كتاب حسناته. والمراد هنا الذنوب التي بين الله وبين عبده دون مظالم العباد.
وسيكون لنا عودة إلى مبحث ذلك مستوفى إن شاء الله تعالى بعون الله في موضعه. واستشكل إيراد هذا الحديث هنا لعدم المطابقة لأن الترجمة لستر المؤمن على نفسه والذي في الحديث ستر الله على المؤمن. وأجيب: بأن ستر الله مستلزم لستر المؤمن على نفسه.
والحديث سبق في المظالم والتفسير ويأتي إن شاء الله تعالى في التوحيد بعون الله.
(باب) ذم (الكبر) بكسر الكاف وسكون الموحدة وهو ثمرة العجب وقد هلك بهما كثير من العلماء والعباد والزهاد والكبر هو أن يرى نفسه خيرًا من غيره جهلاً بها وبقدر بارئها تعالى وبوعده ووعيده والتكبر منع الحق كمن ينصر باطلاً رياءً وازدراءً لخلق الله فكل معجب أو متكبر بنعمة يأنف ممن هو فقير منها كفرًا للنعمة والرحمة وأنفع شيء لدفعه التفكر في كونه لم يكون شيئًا