للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٨ - باب ﴿إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا﴾

هذا (باب) بالتنوين وهو ساقط كلفظ باب قبله لغير أبي ذر في قوله تعالى: (﴿إذ همّت طائفتان منكم أن تفشلا﴾) [آل عمران: ٢٢] عامل الظرف اذكر أو هو بدل من إذ غدوت فالعامل فيه العامل في المبدل منه أو الناصب له عليم، والهم: العزم أو هو دونه وذلك أن أول ما يمر بقلب الإنسان يسمى خاطرًا فإذا قوي سمي حديث نفس فإذا قوي سمي همًّا فإذا قوي سمي عزمًا ثم بعده، إما قول أو فعل.

٤٥٥٨ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: قَالَ عَمْرٌو: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: فِينَا نَزَلَتْ: ﴿إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا﴾ قَالَ: نَحْنُ الطَّائِفَتَانِ بَنُو حَارِثَةَ، وَبَنُو سَلِمَةَ، وَمَا نُحِبُّ وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً: وَمَا يَسُرُّنِي أَنَّهَا لَمْ تُنْزَلْ لِقَوْلِ اللَّهِ: ﴿وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا﴾.

وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (قال: قال عمرو) هو ابن دينار (سمعت جابر بن عبد الله يقول: فينا نزلت: ﴿إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا﴾ أي تجبنا وتتخلفا عن الرسول وتذهبا مع عبد الله بن أبي وكان ذلك في غزوة أُحُد (﴿والله وليهما﴾) أي عاصمهما عن اتباع تلك الخطوة التي ليست عزيمة بل حديث نفس وكيف تكون عزيمة والله تعالى يقول: ﴿والله وليهما﴾ والله تعالى لا يكون ولي من عزم على خذلان رسوله ومتابعة عدوّه عبد الله بن أبيّ، ويجوز أن تكون عزيمة كما قال ابن عباس ويكون قوله: ﴿والله وليهما﴾ جملة حالية مقررة للتوبيخ والاستبعاد أي لم وجد منهما الفشل والجبن وتلك العزيمة والحال أن الله بجلاله وعظمته هو الناصر لهما فما لهما يفشلان.

(قال): أي جابر (نحن الطائفتان بنو حارثة) وهم من الأوس (وبنو سلمة) بكسر اللام وهم من الخزرج (وما نحب. وقال سفيان) بن عيينة في روايته: (مرة وما يسرني) بدل وما نحب (أنها) أي الآية (لم تنزل لقول الله) تعالى (﴿والله وليهما﴾) ومفهومه أن نزولها سره لما حصل لهم من الشرف وتثبيت الولاية ودلّ ذلك على أنه سرتهم تلك الهمة العارية عن العزم، نعم كلام ابن عباس السابق مبني على التوبيخ وينصره قوله: ﴿وعلى الله فليتوكل المؤمنون﴾ فإنه يأبى إلا أن يكون تعريضًا وتغليطًا في هذا المقام وكذا قوله تعالى: ﴿فاتقوا الله لعلكم تشكرون﴾ [آل عمران: ١٢٣] مشتمل على تشديد عظيم يعني: فاتقوا الله في الثبات معه ولا تضعفوا فإن نعمته وهي نعمة الإسلام لا يقابل شكرها إلا ببذل المهج وبفداء الأنفس فاثبتوا معه لعلكم تدركون شكر هذه النعمة، وكل هذه التشديدات لا ترد على حديث النفس، وأما قول جابر نحن بنو سلمة وبنو حارثة وامتيازه إياهما عن الغير فلا يستقيم إلا على العزيمة وقوله: وما يسرني أنها لم تنزل إنما

<<  <  ج: ص:  >  >>