للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالرتع حول الحمى فهو تشبيه بالمحسوس الذي لا يخفى حاله، ووجه التشبيه حصول العقاب بعدم الاحتراز في ذلك كما أن الراعي إذا جرّه رعيه حول الحمى إلى وقوعه استحق العقاب لذلك فكذا من أكثر من الشبهات وتعرض لمقدماتها وقع في الحرام فاستحق العقاب.

قال في فتح الباري: واختلف في حكم المشبهات. فقيل التحريم وهو مردود، وقيل الوقف وهو كالخلاف فيما قبل الشرع وحصل ما فسر به العلماء الشبهات أربعة أشياء.

أحدها: تعارض الأدلة.

ثانيها: اختلاف العلماء وهي منتزعة من الأولى.

ثالثها: أن المراد بها قسم المكروه لأنه يجتذبه جانبًا الفعل والترك.

رابعها: المراد بها المباح ولا يمكن قائل هذا أن يحمله على متساوي الطرفين من كل وجه بل يمكن حمله على ما يكون من قسّم خلاف الأولى بأن يكون متساوي الطرفين باعتبار ذاته راجح الفعل أو الترك باعتبار أمر خارج، وقد كان بعضهم يقول: المكروه عقبة بين العبد والحرام فمن استكثر من المكروه تطرق إلى الحرام، والمباح عقبة بينه وبين المكروه فمن استكثر منه تطرق إلى المكروه.

ورواة هذا الحديث ما بين بصري ومكّي وكوفي وبخاري، وإنما كرّر طرقه ردًّا على ابن معين حيث حكى عن أهل المدينة أن النعمان لم يصح له سماع من النبي ، وقد أخرج حديثه هذا الحميدي في مسنده عن ابن عيينة فصرح فيه بتحديث أبي فروة له، وبسماع أبي فروة من الشعبي، وبسماع الشعبي من النعمان على المنبر، وبسماع النعمان من رسول الله .

٣ - باب تَفْسِيرِ الْمُشَبَّهَاتِ

وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ أَبِي سِنَانٍ: مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَهْوَنَ مِنَ الْوَرَعِ، دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ.

(باب تفسير المشبهات) بفتح الشين المعجمة وتشديد الموحدة المفتوحة، ولابن عساكر: المشتبهات بسكون المعجمة ثم مثناة فوقية مفتوحة وكسر الموحدة، وفي بعض النسخ: الشبهات بضم الشين والموحدة. (وقال حسان بن أبي سنان): بكسر السين البصري أحد العباد في زمن التابعين وليس له في هذا الكتاب غير هذا الموضع (ما رأيت شيئًا أهون من الورع دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) بفتح الياء فيهما من رابه يريبه ويجوز الضم من أرابه يريبه وهو الشك والتردّد، والمعنى هنا إذا شككت في شيء فدعه. وقد روى الترمذي من حديث عطية السعدي مرفوعًا: لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرًا مما به بأس، وهذا التعليق قد وصله أحمد وأبو نعيم في الحلية ولفظه: اجتمع يونس بن عبيد وحسان بن أبي سنان فقال يونس: ما عالجت شيئًا أشد عليّ من الورع. فقال حسان: ما عالجت شيئًا أهون عليّ منه. قال: كيف؟ قال حسان: تركت ما يريبني

<<  <  ج: ص:  >  >>