للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

استثناء من قوله: ﴿فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرًا﴾ فيكون الاستثناء متصلًا كأنه قيل فأولئك في جهنم إلا المستضعفين، والصحيح أنه منقطع لأن الضمير في مأواهم عائد على أن الذين توفاهم وهؤلاء المتوفون إما كفارًا أو عصاة بالتخلف وهم قادرون على الهجرة فلم يندرج فيهم المستضعفون فكان منقطعًا (﴿من الرجال والنساء والولدان﴾) الذين (﴿لا يستطيعون حيلة﴾) في الخروج من مكة لعجزهم وفقرهم (﴿ولا يهتدون سبيلا﴾) [النساء: ٩٨]. ولا معرفة لهم بالمسالك من مكة إلى المدينة. واستشكل إدخال الولدان في جملة المستثنين من أهل الوعيد لأنه يوهم دخول الولدان فيه إذا استطاعوا واهتدوا، وأجيب: بأن العجز متمكن من الولدان لا ينفك عنهم فكانوا خارجين من جملتهم في الوعيد ضرورة فإذا لم يدخلوا فيه لم يخرجوا بالاستثناء.

فإن قلت: فإذا لم يخرجوا بالاستثناء كيف قرنهم في جملة المستثنين؟ أجيب: ليبين أن الرجال والنساء الذين لا يستطيعون صاروا في انتفاء الذنب كالولدان مبالغة لأن المعطوف عليه يكتسب من معنى المعطوف لمشاركتهما في الحكم أو المراد بالولدان العبيد أو البالغون وهو أولى من إرادة المراهقين لعدم توبيخ نحوهم، وكذا هو أولى من حمل البيضاوي ذلك على المبالغة في الأمر باعتبار أنهم على صدد وجوب الهجرة فإنهم إذا بلغوا وقدروا على الهجرة فلا محيص لهم عنها فإن قوّامهم يجب عليهم أن يهاجروا بهم متى أمكنت. قال الطيبي: وعلى هذا المبالغة راجعة إلى وجوب الهجرة وأنها خارجة عن حكم سائر التكاليف حيث أوجبت على من لم يجب عليه شيء.

٤٥٩٧ - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﴿إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ﴾ قَالَ: كَانَتْ أُمِّي مِمَّنْ عَذَرَ اللَّهُ.

وبه قال: (حدّثنا أبو النعمان) محمد بن الفضل السدوسي قال: (حدّثنا حماد) هو ابن زيد (عن أيوب) السختياني (عن ابن أبي مليكة) عبد الله (عن ابن عباس ) في قوله تعالى: (﴿إلا المستضعفين﴾ قال: كانت أمي) أي أم الفضل لبابة بنت الحارث (ممن عذر الله) أي ممن جعله الله من المعذورين.

وسبق هذا الحديث في هذه السورة.

٢٠ - باب قَوْلِهِ: ﴿فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ﴾ [النساء: ٩٩] الآيَةَ

(باب قوله) تعالى: (﴿فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم﴾) أي يتجاوز عنهم بتركهم الهجرة وعسى من الله واجب لأنه إطماع والله تعالى إذا أطمع عبدًا في شيء أوصله إليه، (الآية) كذا في رواية أبي ذر، ولغيره فعسى الله أن يعفو عنهم وليس هو لفظ القرآن وكان الله عفوًّا غفورًا.

٤٥٩٨ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: بَيْنَا النَّبِيُّ يُصَلِّي الْعِشَاءَ إِذْ قَالَ: «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ» ثُمَّ قَالَ قَبْلَ أَنْ يَسْجُدَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>