وقد قرر السهيلي فيما ذكره ابن كثير أن الروح هي ذات لطيفة كالهواء سارية في الجسد كسريان الماء في عروق الشجر وإن الروح التي ينفخها الملك في الجنين هي النفس بشرط اتصالها بالبدن واكتسابها بسببه صفات مدح أو ذم فهي إما نفس مطمئنة أو أمارة بالسوء كما أن الماء حياة الشجر ثم يكتسب بسبب اختلاطه معها اسمًا خاصًا فماذا اتصل بالعنبة وعصر منها صار ماء مصطارًا وخمرًا ولا يقال له ماء حينئذٍ إلا على سبيل المجاز وهكذا لا يقال للنفس روح إلا على هذا النحو وكذلك لا يقال للروح نفس إلا على هذا النحو باعتبار ما تؤول إليه فحاصل ما نقول إن الروح هي أصل النفس ومادّتها والنفس مركبة منها ومن اتصالها بالبدن فهي هي من وجه لا من كل وجه وهذا معنى حسن انتهى. ثم إن ظاهر سياق هذا الحديث يقتضي أن هذه الآية مدنية وإن نزولها إنما كان حين سأل اليهود عن ذلك بالمدينة مع أن السورة كلها مكية وقد يجاب باحتمال أن تكون نزلت مرة ثانية بالمدينة كما نزلت بمكة قبل.
وهذا الحديث سبق في كتاب العلم وأخرجه أيضًا في التوحيد والاعتصام ومسلم في التوبة والترمذي والنسائي في التفسير.
وبه قال:(حدّثنا يعقوب بن إبراهيم) الدورقي قال: (حدّثنا هشيم) بضم الهاء مصغرًا ابن بشير مصغر بشر الواسطي قال: (حدّثنا) ولأبي ذر أخبرنا (أبو بشر) بكسر الموحدة وسكون المعجمة جعفر بن أبي وحشية الواسطي (عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ﵄) أنه قال: (في قوله تعالى: ﴿ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها﴾ قال: نزلت ورسول الله ﷺ مختف بمكة) يعني في أوّل الإسلام ولأبي ذر عن الحموي والمستملي مختفي بإثبات التحتية بعد الفاء (كان إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن فإذا سمع) ولأبي ذر سمعه (المشركون سبوا القرآن ومن أنزله ومن جاء به فقال الله تعالى) ولأبي ذر ﷿(لنبيه) محمد (ﷺ: ﴿ولا تجهر بصلاتك﴾ أي بقراءتك) أي بقراءة صلاتك فهو على حذف المضاف (فيسمع المشركون فيسبوا القرآن) وللطبري