(انفذ) بضم الفاء وبالذال المعجمة أي امضِ (على رسلك) بكسر الراء أي على هينتك (حتى تنزل بساحتهم) بفنائهم (ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم) من حق الله فيه (فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً) واحدًا (خير لك من أن تكون لك حُمر النعم) فتتصدق بها، وحمر: بضم الحاء وسكون الميم من ألوان الإبل المحمودة وهي أنفسها وخيّارها يضرب بها المثل في نفاسة الشيء وأن من لأن يهدي الله مصدرية في محل رفع على الابتداء والخبر قوله "خير لك" وكأنه ﷺ استحسن قول عليّ أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا واستحمده على ما قصده من مقاتلته إياهم حتى يكونوا مهتدين إعلاء لدين الله تعالى. ومن ثم حثّه ﷺ على ما نواه بقوله:"فوالله لأن يهدي الله بك" إلخ …
وهذا موضع الترجمة وتأتي مباحثه في المغازي إن شاء الله تعالى.
وبه قال:(حدّثنا محمد بن بشار) بفتح الموحدة والمعجمة بندار العبدي البصري قال: (حدّثنا غندر) هو محمد بن جعفر البصري قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن محمد بن زياد) بكسر الزاي وتخفيف المثناة (عن أبي هريرة ﵁ عن النبي ﷺ قال):
(عجب الله من قوم يدخلون الجنة) أي وكانوا في الدنيا (في السلاسل) حتى دخلوا في الإسلام وبهذا التقدير يكون المراد حقيقة وضع السلاسل في الأعناق. ويقع التطابق بين الترجمة والحديث، ويؤيد أن المراد الحقيقة ما عند المؤلّف في تفسير آل عمران من وجه آخر عن أبي هريرة في قوله تعالى: ﴿كنتم خير أمة أُخرجت للناس﴾ [آل عمران: ١١٠]. قال: خير الناس الناس يأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا في الإسلام وحمله جماعة على المجاز فقال المهلب: المعنى يدخلون في الإسلام مكرهين وسمى الإسلام بالجنة لأنه سببها. وقال ابن الجوزي: معناه أنهم أُسروا وقيدوا فلما عرفوا صحة الإسلام دخلوا طوعًا فدخلوا الجنة فكان الإكراه على الأسر والتقييد هو السبب الأول فكأنه أطلق على الإكراه التسلسل، ولما كان هو السبب في دخول الجنة أقام المسبب مقام السبب. وقال الكرماني وتبعه البرماوي: لعلهم المسلمون الذين هم أسارى في أيدي الكفار فيموتون أو يقتلون على هذه الحالة فيحشرون عليها ويدخلون الجنة كذلك اهـ.
١٤٥ - باب فَضْلِ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ
(باب فضل من أسلم من أهل الكتابين) التوراة والإنجيل.