(باب قول الله تعالى) ولأبي ذر: ﷿(﴿وآتوا النساء صدقاتهن﴾) مهورهن (﴿نحلة﴾)[النساء: ٤] من نحله كذا إذا أعطاه إياه ووهبه له عن طيبة من نفسه نحلة ونحلًا وانتصابها على المصدر لأن النحلة والإيتاء بمعنى الإعطاء فكأنه قال: وانحلوا النساء صدقاتهن نحلة أي أعطوهن مهورهن عن طيبة أنفسكم، قيل: النحلة لغة الهبة من غير عوض والصداق تستحقه المرأة اتفاقًا لا على وجه التبرع من الزوج، وأجيب: بأن عبيدة قال: عن طيب نفس بالفريضة، وتابعه ابن قتيبة وقال الكيا: الخطاب في فانكحوا للأزواج وإذا كان خطابًا لهم فإنما سماه عطية ترغيبًا في إيفاء صداقها، وقال بعضهم: نحلة اسم الصداق نفسه، وقال آخر: لأن استمتاعه يقابل استمتاعها به فكان الصداق من هذه الجهة لا مقابل له ولذا لم يكن ركنًا في العقد (وكثرة المهر) بالجر عطفًا على سابقه (وأدنى) أقل (ما يجوز من الصداق، وقوله تعالى): ولأبي ذر ﷿(﴿وآتيتم إحداهن قنطارًا﴾) قال في الكشاف: هو المال العظيم من قنطرت الشيء إذا رفعته (﴿فلا تأخذوا منه شيئًا﴾)[النساء: ٢٠] وقد روي أن عمر قال خطيبًا فقال: أيها الناس لا تغالوا بصداق النساء فلو كان مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله لكان أولاكم بها رسول الله ﷺ ما أصدق امرأة من نسائه أكثر من اثنتي عشرة أوقية فقامت إليه امرأة فقالت: يا أمير المؤمنين لِمَ تمنعنا حقًّا جعله الله لنا والله يقول: ﴿وآتيتم إحداهن قنطارًا﴾ فقال عمر: كل أحد أعلم من عمر ثم قال لأصحابه: تسمعونني أقول مثل هذا فلا تنكرونه عليّ حتى ترده عليّ امرأة ليست من أعلم النساء. ذكره الزمخشري ورواه عبد الرزاق من طريق عبد الرحمن السلمي بلفظ قال عمر: لا تغالوا في مهور النساء فقالت امرأة: ليس ذلك لك يا عمر إن الله تعالى يقول: ﴿وآتيتم إحداهن قنطارًا﴾ من ذهب قال: وكذلك هو في قراءة ابن مسعود فقال عمر: امرأة خاصمت عمر فخصمته (وقوله جل ذكره: ﴿أو تفرضوا لهن﴾)[البقرة: ٢٣٦] وزاد أبو ذر: فريضة.
(وقال سهل: قال النبي ﷺ): في قصة الواهبة لمريد تزويجها التمس (ولو خاتمًا من حديد) والآية الأولى دالة لأكثر الصداق والحديث لأدناه وهل يتقدر أدناه أم لا. فمذهب الشافعية والحنابلة أدنى متموّل لقوله ﷺ:"التمس ولو خاتمًا من حديد" والضابط كل ما جاز أن يكون ثمنًا