على النبي ﷺ أقبية) الحديث. ومراد المؤلّف بسياق هذا التعليق الأخير الإعلام بوصله، وأن روايتي ابن علية وحماد وإن كانت صورتهما الإرسال، لكن الحديث في الأصل موصول والله الموفق والمعين.
هذا (باب) بالتنوين يذكر فيه (لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين. وقال معاوية) بن أبي سفيان: صخر بن حرب (لا حكيم) بالكاف المكسورة بوزن عظيم في الفرع (إلا ذو) أي صاحب (تجربة) وهذا لفظ أبي سعيد مرفوعًا أخرجه أحمد وصححه ابن حبان، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: لا حلم بكسر الحاء المهملة وسكون اللام إلا بتجربة، ولأبي ذر عن الكشميهني: إلا لذي تجربة، والحلم التأني في الأمور المقلقة والمعنى أن المرء لا يوصف بالحلم حتى يجرب الأمور، وقيل المعنى لا يونس حليمًا كاملاً إلا من وقع في زلة وحصل منه خطأ فحينئذٍ يخجل. وقال ابن الأثير: معناه لا يحصل الحلم حتى يركب الأمور ويعثر فيها فيعتبر بها ويستبين مواضع الخطأ ويجتنبها، وقيل: المراد أن من جرب الأمور وعرف عواقبها آثر الحلم وصبر على قليل الأذى ليدفع به ما هو أكبر منه. وقال الطيبي: ويمكن أن يكون تخصيص الحليم بذي التجربة للإشارة إلى أن غير الحليم بخلافه فإن الحليم الذي ليس له تجربة قد يعثر في مواضع لا ينبغي له فيها الحلم بخلاف الحليم المجرب، وهذا الأثر وصله ابن أبي شيبة في مصنفه عن عيسى بن يونس عن هشام بن عروة عن أبيه قال: قال معاوية: لا حلم إلا بالتجارب، وأخرجه البخاري في الأدب المفرد من طريق علي بن مسهر عن هشام عن أبيه قال: كنت جالسًا عند معاوية فقال: لا حليم إلا ذو تجربة قالها ثلاثًا. وأخرج من حديث أبي سيد مرفوعًا: لا حليم إلا ذو عثرة ولا حكيم إلا ذو تجربة، وأخرجه أحمد وصححه ابن حبان ومرّ.
وبه قال:(حدّثنا قتيبة) بن سعيد البلخي قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام (عن عقيل) بضم العين وفتح القاف ابن خالد (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (عن ابن المسيب) سعيد (عن أبي هريرة ﵁ فإنه عن النبي ﷺ أنه قال):
(لا يلدغ المؤمن) بالدال المهملة والغين المعجمة على صيغة المجهول وهو ما يكون من ذوات السموم وأما الذي بالذال المعجمة والعين المهملة فما يكون من النار والمؤمن مرفوع بيلدغ (من جحر) بضم الجيم وسكون الحاء المهملة (واحد مرتين). وقوله: يلدغ بالرفع على صيغة الخبر ومعناه الأمر أي ليكن المؤمن حازمًا حذرًا لا يؤتي من ناحية الغفلة فيخدع مرة بعد أخرى وقد