(إذا دعا أحدكم فليعزم المسألة) أي فليقطع بالسؤال، ولأحمد الدعاء بدل المسألة (ولا يقولن اللهم إن شئت فأعطني) بقطع الهمزة أي فلا يشك في القبول بل يستيقن وقوع مطلوبه ولا يعلق ذلك بمشيئة الله وإن كان مأمورًا في جميع ما يريد فعله بمشيئة الله (فإنه لا مستكره له) بكسر الراء فينبغي الاجتهاد في الدعاء وأن يكون الداعي على رجاء الإجابة ولا يقنط من -رحمه الله تعالى- فإنه يدعو كريمًا ويلح فيه ولا يستثني بل يدعو دعاء البائس الفقير.
وفي الترمذي وقال: حديث غريب عن أبي هريرة مرفوعًا: "ادعوا الله وأنتم موقنون بالإِجابة واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه" قال التوربشتي: أي كونوا عند الدعاء على حالة تستحقون فيها الإجابة وذلك بإتيان المعروف واجتناب المنكر وغير ذلك من مراعاة أركان الدعاء وآدابه حتى تكون الإجابة على القلب أغلب من الردّ أو المراد ادعوه معتقدين وقوع الإجابة لأن الداعي إذا لم يكن متحققًا في الرجاء لم يكن رجاؤه صادقًا وإذا لم يكن الرجاء صادقًا لم يكن الرجاء خالصًا والداعي مخلصًا فإن الرجاء هو الباعث على الطلب ولا يتحقق الفرع إلا بتحقيق الأصل.
والحديث أخرجه مسلم في الدعوات والنسائي في اليوم والليلة.
وبه قال:(حدّثنا عبد الله بن مسلمة) بن قعنب الحارثي القعنبي (عن مالك) الإمام (عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان (عن الأعرج) عبد الرَّحمن بن هرمز (عن أبي هريرة ﵁ أن رسول الله ﷺ قال):
(لا يقولن أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت اللهم ارحمني إن شئت) لأن هذا التعليق صورته صورة الاستغناء عن المطلوب والمطلوب منه، وقوله: إن شئت ثبت في رواية أبي ذر عن الحموي في الأولى، وأما في الثانية فثابت اتفاقًا وزاد في رواية همام عن أبي هريرة في كتاب التوحيد: اللهم ارزقني إن شئت (ليعزم المسألة) ولا يقل إن شئت كالمستثني فلو قال ذلك للتبرك لا للاستثناء فلا يكره (فإنه لا مكره له) تعالى، وهل النهي للتحريم أو للتنزيه خلاف. وحمله النووي على الثاني.
والحديث أخرجه أبو داود في الصلاة والترمذي في الدعوات.
٢٢ - باب يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَعْجَلْ
هذا (باب) بالتنوين (يستجاب للعبد) دعاؤه (ما لم يعجل).