والله لا أنفق على مسطح شيئًا أبدًا بعد الذي قال لعائشة ما قال: فأنزل الله (﴿ولا يأتل﴾) لا يحلف (﴿أولو الفضل منكم﴾) في الدين أبو بكر (﴿والسعة﴾) في المال (﴿أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله﴾)، صفات لموصوف واحد وهو مسطح لأنه كان مسكينًا مهاجرًا بدريًا (﴿وليعفوا وليصفحوا﴾) عنهم خوضهم في أمر عائشة (﴿ألا تحبون﴾) خطاب لأبي بكر (﴿أن يغفر الله لكم﴾) على عفوكم وصفحكم وإحسانكم إلى من أساء إليكم (﴿والله غفور رحيم) فتخلقوا بأخلاقه تعالى (قال أبو بكر) لما قرأ عليه النبي ﷺ هذه الآية (بلى والله إني أحب أن يغفر الله لي فرجع) بالتخفيف (إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه) قبل (وقال والله لا أنزعها منه أبدًا. قالت عائشة وكان رسول الله ﷺ يسأل) بصيغة المضارع ولأبي ذر سأل بصيغة الماضي (زينب ابنة جحش) أم المؤمنين ﵂(عن أمري فقال يا زينب ماذا علمت) على عائشة (أو رأيت) منها (فقالت) ولأبي ذر وقالت (يا رسول الله أحمي) بفتح الهمزة (سمعي) من أن أقول سمعت ولم أسمع (وبصري) من أن أقول أبصرت ولم أبصر (ما علمت) عليها (إلا خيرًا قالت) عائشة (وهي) أي زينب (التي كانت تساميني من أزواج رسول الله ﷺ) بضم الفوقية وبالمهملة من السموّ وهو العلوّ والارتفاع أي تطلب من العلوّ والارتفاع والحظوة عند النبي ﷺ ما أطلب أو تعتقد أن لها مثل الذي لي عنده (فعصمها الله) أي حفظها (بالورع) أن تقول يقول أهل الإفك (وطفقت) بكسر الفاء جعلت أو شرعت (أختها حمنة) بفتح الحاء المهملة وبعد الميم الساكنة نون مفتوحة فهاء تأنيث (تحارب لها) أي لأختها زينب وتحكي مقالة أهل الإفك لتخفض منزلة عائشة وتعلي منزلة أختها زينب (فهلكت فيمن هلك من أصحاب الإفك) فحدّت فيمن حُدَّ أو أثمت مع من أثم.
هذا (باب قوله) تعالى: (﴿ولولا فضل الله عليكم﴾) لولا هذه لامتناع الشيء لوجود غيره أي لولا فضل الله عليكم أيها الخائضون في شأن عائشة (﴿ورحمته في الدنيا﴾) بأنواع النعم التي من جملتها قبول توبتكم وإنابتكم إليه (﴿والآخرة﴾) بالعفو والمغفرة (﴿لمسلم﴾) عاجلًا (﴿فيما أفضتم﴾) أي خضتم (﴿فيه﴾) من قضية الإفك (﴿عذاب عظيم﴾)[النور: ١٤].
قال ابن عباس: المراد بالعذاب العظيم الذي لا انقطاع له يعني في الآخرة لأنه ذكر عذاب الدنيا من قبل فقال والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم، وقد أصابه فإنه جلد وحدّ، وسقط قوله:(﴿عذاب عظيم﴾) لأبي ذر وقال بعد قوله: (﴿أفضتم فيه﴾) الآية.