البياسي وهي قراءة يعقوب الحضرمي والأصل لا تتقدموا فحذف إحدى التاءين وقال في المصابيح متعقبًا لقول الزركشي ليس هذا بصحيح بل هذا التفسير متأتٍّ على القراءة المشهورة أيضًا فإن قدم بمعنى تقدم قال الجوهري وقدم بين يديه أي تقدم قال الله تعالى: ﴿لا تقدموا بين يدي الله﴾ [الحجرات: ١] اهـ.
قال الإمام فخر الدين: والأصح أنه إرشاد عامّ يشمل الكل ومنع مطلق يدخل فيه كل افتيات وتقدم واستبداد بالأمر وإقدام على فعل غير ضروري من غير مشاورة.
(﴿امتحن﴾) في قوله تعالى: ﴿أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى﴾ [الحجرات: ٣] قال مجاهد فيما وصله الفريابي أي (أخلص) من امتحن الذهب إذا أذابه وميز إبريزه من خبيثه.
(﴿تنابزوا﴾) ولأبي ذر: ولا تنابزوا قال مجاهد فيما وصله الفريابي بنحوه أي (لا يدعى) الرجل (بالكفر بعد الإسلام) وقال الحسن كان اليهودي والنصراني يسلم فيقال له بعد إسلامه يا يهودي يا نصراني فنهوا عن ذلك وزاد أبو ذر قبل قوله: تنابزوا باب بالتنوين وسقط لغيره.
(يلتكم) قال مجاهد فيما وصله الفريابي أي (ينقصكم) من أجوركم (ألتنا) أي (نقصنا) وهذا الأخير من سورة الطور وذكره استطرادًا.
(﴿لا ترفعوا﴾) ولأبي ذر باب بالتنوين لا ترفعوا (﴿أصواتكم فوق صوت النبي﴾)[الحجرات: ٢](الآية) أي إذا كلمتموه لأنه يدل على قلة الاحتشام وترك الاحترام ومن خشي قلبه ارتجف وضعفت حركته الدافعة فلا يخرج منه الصوت بقوة ومن لم يخف بالعكس وليس المراد بنهي الصحابة عن ذلك أنهم كانوا مباشرين ما يلزم منه الاستخفاف والاستهانة كيف وهم خير الناس بل المراد أن التصويت بحضرته مباين لتوقيره وتعزيره.
(﴿تشعرون﴾) أي (تعلمون. ومنه الشاعر) والمعنى أنكم إن رفعتم أصواتكم وتقدمتم فذلك يؤدي إلى الاستحقار وهو يفضي إلى الارتداد وهو محبط وقوله: ﴿وأنتم لا تشعرون﴾ إشارة إلى أن الردة تتمكن من النفس بحيث لا يشعر الإنسان فإن مَن ارتكب ذنبًا لم يرتكبه في عمره تراه نادمًا غاية الندامة خائفًا غاية الخوف فإذا ارتكبه مرارًا قلّ خوفه وندامته ويصير عادة أعاذنا الله من سائر المكروهات.