وأما مطابقة الحديث لقوله: حدّ إتمام الركوع، فمن جهة أنه دل على تسوية الركوع والسجود، والاعتدال والجلوس بين السجدتين، وقد ثبت في بعض طرقه، عند مسلم: تطويل الاعتدال، فيؤخذ منه إطالة الجميع والله أعلم.
وقد جزم بعضهم بأن المراد القيام بالاعتدال، وبالقعود الجلوس بين السجدتين، وردّه ابن القيم في حاشيته على السُّنن، فقال هذا سوء فهم من قائله لأنه قد ذكرهما بعينهما، فكيف يستثنيهما؟ وهل يحسن قول القائل: جاء زيد وعمرو وبكر وخالد إلا زيدًا وعمرًا؟ فإنه متى أراد نفي المجيء عنهما كان متناقضًا. انتهى.
وتعقب بأن المراد بذكرها إدخالها في الطمأنينة، وباستثناء بعضها، إخراج المستثنى من المساواة. وقد وقع هذا الحديث في باب الطمأنينة حين يرفع رأسه من الركوع بغير استثناء، وإذا جمع بين الروايتين ظهر من الأخذ بالزيادة فيهما أن المراد بالقيام المستثنى القيام للقراءة، وبالقعود، القعود للتشهد كما سبق.
وقد اختلف هل الاعتدال ركن طويل أم قصير، وحديث أنس الآتي في باب الطمأنينة، إن شاء الله تعالى، أصرح من حديث الباب في أنه طويل، لكن المرجح عند الشافعية أنه قصير تبطل الصلاة بتطويله، ويأتي البحث في ذلك، إن شاء الله تعالى، في باب الطمأنينة.
ورواة هذا الحديث الخمسة كوفيون إلا بدل بن المحبر فبصري، وفيه التحديث والإخبار والعنعنة والقول، وشيخ المؤلّف من أفراده، ورواية تابعي عن تابعي عن صحابي، وأخرجه المؤلّف أيضًا في الصلاة، وكذا مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي.