للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(طيبت رسول الله بيدي هاتين حين أحرم) أي أراد الإحرام (ولحله حين أحل) أي بعد أن أحل من الإحرام بعد أن رمى وحلق (قبل أن يطوف) بالبيت طواف الإفاضة (وبسطت يديها).

قال الحافظ ابن حجر: ومطابقة الحديث للترجمة من جهة أنه لما أفاض من مزدلفة لم تكن عائشة مسايرته، وقد ثبت أنه استمر راكبًا إلى أن رمى جمرة العقبة فدلّ ذلك على أن تطييبها له وقع بعد الرمي، وأما الحلق قبل الإفاضة فلأنه حلق رأسه الشريف بمنى لما رجع من الرمي، وأخذه المؤلّف من حديث الباب من جهة التطييب فإنه لا يقع إلا بعد التحلل والتحلل الأول يقع باثنين من ثلاثة رمي جمرة العقبة والحلق أو التقصير وطواف الإفاضة، واحتجوا لذلك بحديث: إذا رميتم وحلقتم فقد حلّ لكم الطيب والثياب وكل شيء إلا النساء رواه البيهقي وغيره وضعفوه، والذي صح في ذلك ما رواه النسائي بإسناد جيد كما في شرح المهذّب أنه قال: "إذا رميتم الجمرة فقد حل لكم كل شيء إلا النساء" وقضيته حصول التحلل الأول بالرمي وحده وهو يدل على أن للحج تحللين فمن قال: إن الحلق نسك كما هو قول الجمهور، والصحيح عند الشافعية يوقف استعمال الطيب وغيره من محرمات الإحرام عليه. وقال المالكية: إذا رمى وحلق ونحر حل له كل شيء إلا النساء والصيد والطيب فإن تطيب قبل طواف الإفاضة فلا شيء عليه على المشهور اهـ.

وفي الحديث: استحباب التطيب بين التحللين والدهن ملحق بالطيب.

١٤٤ - باب طَوَافِ الْوَدَاعِ

(باب) حكم (طواف الوداع) ويسمى طواف الصدر بفتح الدال لأنه يصدر عن البيت أي يرجع إليه وليس هو من المناسك بل هو عبادة مستقلة لاتفاقهم على أن قاصد الإقامة بمكة لا يؤمر به ولو كان منها لأمر به، وهذا ما صححه النووي والرافعي ونقلاه عن صاحبي التتمة والتهذيب وغيرهما ونقلاً عن الإمام والغزالي أنه منها ويختص بمن يريد الخروج من ذوي النسك.

قال السبكي: وهذا هو الذي تظاهرت عليه نصوص الشافعي والأصحاب ولم أر من قال أنه ليس منها إلا المتولي فجعله تحية للبقعة مع أنه يمكن تأويل كلامه على أنه ليس ركنًا منها كما قال غيره أنه ليس بركن ولا شرط. قال: وأما استدلال الرافعي والنووي بأنه لو كان منها لأمر به قاصد الإقامة بمكة فممنوع لأنه شرع للمفارقة ولم تحصل كما أن طواف القدوم لا يشرع للمحرم من مكة ويلزمهما القول بأنه لا يجبر بدم ولا قائل به، وذكر نحوه الأسنوي فمن أراد الخروج من مكة إلى مسافة القصر أو دونها وجب عليه طواف الوداع سواء كان مكيًا أو آفاقيًا تعظيمًا للحرم وهذا مذهب الشافعية والحنفية والحنابلة. وقال المالكية: مندوب إليه ولا دم في تركه.

١٧٥٥ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ "أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ، إِلاَّ أَنَّهُ خُفِّفَ عَنِ الْحَائِضِ".

<<  <  ج: ص:  >  >>