وبالسند قال:(حدّثنا عبدان) لقب عبد الله بن عثمان بن جبلة الأزدي العتكي المروزي البصري الأصل (عن أبي حمزة) بحاء مهملة وزاي محمد بن ميمون السكري (عن الأعمش) سليمان بن مهران (عن إبراهيم) النخعي (عن علقمة) بن قيس النخعي أنه (قال):
(بينا) بغير ميم (أنا أمشي مع عبد الله) يعني ابن مسعود (﵁) وجواب بينا قوله (فقال: كنا مع النبي ﷺ فقال: من استطاع) منكم (الباءة) بالمد على الأفصح لغة الجماع والمراد به هنا ذلك، وقيل مؤن النكاح والقائل بالأول رده إلى معنى الثاني إذ التقدير عنده: من استطاع منكم الجماع لقدرته على مؤن النكاح (فليتزوج، فإنه) أي التزوج (أغض) بالغين والضاد المعجمتين (للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع) أي الباءة لعجزه عن المؤن (فعليه بالصوم)، وإنما قدروه بذلك لأن من لم يستطع الجماع لعدم شهوته لا يحتاج إلى الصوم لدفعها، وهذا فيه كلام للنحاة فقيل من إغراء الغائب وسهله تقدم المغري به في قوله: من استطاع منكم الباءة فكان كإغراء الحاضر قاله أبو عبيدة. وقال ابن عصفور: الباء زائدة في المبتدأ ومعناه الخبر لا الأمر أي فعليه الصوم. وقال ابن خروف: من إغراء المخاطب أي أشيروا عليه بالصوم فحذف فعل الأمر وجعل عليه عوضًا منه وتولى من العمل ما كان الفعل يتولاه واستتر فيه ضمير المخاطب الذي كان متصلاً بالفعل. ورجح بعضهم رأي ابن عصفور بأن زيادة الباء في المبتدأ أوسع من إغراء الغائب ومن إغراء المخاطب من غير أن ينجز ضميره بالظرف أو حرف الجر الموضوع مع ما خفضه موضع فعل الأمر.
(فإنه) أي فإن الصوم (له) للصائم (وجاء) بكسر الواو والمد أي قاطع للشهوة واستشكل بأن الصوم يزيد في تهييج الحرارة وذلك مما يثير الشهوة.
وأجيب: بأن ذلك إنما يكون في مبدأ الأمر فإذا تمادى عليه واعتاده سكن ذلك. قال في الروضة: فإن لم تنكسر به لم يكسرها بكافور ونحوه بل ينكح. قال ابن الرفعة نقلاً عن الأصحاب لأنه نوع من الاختصاء.