(باب قوله)﷿(﴿وعلى الذين هادوا﴾) أي وعلى اليهود (﴿حرمنا كل ذي ظفر﴾) أي لم يكن منفرج الأصابع مشقوقها. رواه ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس بإسناد حسن وذلك لشؤم ظلمهم لقوله تعالى: ﴿فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم﴾ [النساء: ١٦٠](﴿ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما﴾ [الأنعام: ١٤٦] (الآية). أي الثروب بالثاء المثلثة المضمومة والراء آخره موحدة وهو شحم قد غشي الكرش والأمعاء رقيق وشحم الكلى وترك البقر والغنم على التحليل لم يحرم منها إلا الشحوم الخاصة، واستثنى من الشحم ما علق بظهورهما أو ما اشتمل على الأمعاء فإنه غير محرم، وهو المراد بقوله: ﴿أو الحوايا﴾ جمع حاوية أو حاوياء كقاصعاء وقواصع أو حوية كسفينة وسفائن. ومن عطف على شحومهما جعل أو بمعنى الواو فهي بمنزلة قولك: لا تطع زيدًا أو عمرًا أو خالدًا أي هؤلاء كلهم أهل أن لا يطاع فلا تطع واحدًا منهم ولا تطع الجماعة، ومثله الحسن أو ابن سيرين أو الشعبي فليس المعنى أني أمرتك بمجالسة واحد منهم بل المعنى كلهم أهل أن يجالس فإن جالست واحدًا منهم فأنت مصيب وإن جالست الجماعة فأنت مصيب.
وقال ابن الحاجب: أو في قوله: ﴿ولا تطع منه آثمًا وكفورًا﴾ [الإنسان: ٢٤] بمعناها وهو أحد الأمرين وإنما جاء التعميم من النهي الذي فيه معنى النفي، لأن المعنى قبل وجود النهي فيهما تطيع آثمًا أو كفورًا أي واحدًا منهما فإذا جاء النهي ورد على ما كان ثابتًا في المعنى، فيصير المعنى ولا تطع أحدًا منهما فيجيء العموم فيهما من جهة النهي الداخل بخلاف الإثبات فإنه قد يفعل أحدهما دون الآخر وهو معنى دقيق، والحاصل أنك إذا عطفت أو الحوايا أو ما اختلط بعظم على شحومهما دخلت الثلاث تحت حكم النفي فيحرم الكل سوى ما استثني منها وإذا عطفت على المستثنى لم يحرم سوى الشحوم وأو على الأول للإباحة وعلى الثاني للتنويع قاله في فتوح الغيب، وسقط في رواية أبي ذر قوله: ﴿ومن البقر﴾ إلى آخره، وقال بعد قوله: ﴿ظفر﴾ إلى قوله: ﴿وإنا لصادقون﴾.
(وقال ابن عباس): فيما وصله ابن جرير من طريق علي بن أبي طلحة عنه في تفسير قوله: (﴿كل ذي ظفر﴾ البعير والنعامة﴾) ونحوهما (الحوايا المبعر) بفتح الميم وصله ابن جرير عن ابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة وعبد الرزاق عن معمر عن قتادة، وفي رواية أبي الوقت المباعر بالجمع، وكذا قاله سعيد بن جبير فيما أخرجه ابن جرير. وقال: الحوايا جمع حوية وهي ما تحوّى