أهل مكة وأنهم دعوه إلى الرجوع إلى الكفر، وأن هذا كان أول الإسلام فلم قال: يدعوهم بلفظ المستقبل فيكون قد عبّر بالمستقبل موضع الماضي كما يقع التعبير بالماضي موضع المستقبل فمعنى يدعوهم دعاهم إلى الله فأشار ﵊ إلى ذكر هذا لما طابقت شدّته في نقله لبنتين شدّته في صبره بمكة على العذاب تنبيهًا على فضيلته وثباته في أمر الله قاله ابن بطال.
والأول هو ظاهر السياق لا سيما مع قوله: تقتله الفئة الباغية، ولا يصح أن يقال: إن مراده الخوارج الذين بعث عليّ عمارًا يدعوهم إلى الجماعة لأن الخوارج إنما خرجوا على عليّ بعد قتل عمار بلا خلاف، فإن ابتداء أمر الخوارج كان عقب التحكيم، وكان عقب انتهاء القتال بصفّين، وكان قتل عمار قبل ذلك قطعًا، لكن ابن بطال تأدب حيث لم يتعرض لذكر صفين إبعادًا لأهلها عن نسبة البغي إليهم وفيما تقدم من الاعتذار عنهم بكونهم مجتهدين والمجتهد إذا أخطأ له أجر ما يكفي عن هذا التأويل البعيد.
وهذا الحديث قد مرّ في باب التعاون في بناء المسجد من كتاب الصلاة.
وبه قال:(حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني بالإفراد (محمد) بغير نسبه ونسبة أبو ذر عن الكشميهني فقال محمد بن سلام بتخفيف اللام ابن الفرج السلمي البيكندي قال: (أخبرنا عبدة) بفتح العين وسكون الموحدة ابن سليمان (عن هشام بن عروة عن أبيه) عروة بن الزبير (عن عائشة ﵂ أن رسول الله ﷺ لما رجع يوم الخندق) الذي حفره الصحابة لما تحزبت عليهم الأحزاب بالمدينة سنة أربع أو سنة خمس (ووضع السلاح) وسقط لأبي ذر لفظ السلاح (واغتسل، فأتاه جبريل)﵉(و) الحال أنه (قد عصب رأسه الغبار) بتخفيف الصاد المهملة أي ركب على رأسه الغبار وعلق به كالعصابة تحيط بالرأس (فقال) له: (وضعت السلاح فوالله ما وضعته. فقال) له (رسول الله ﷺ):
(فأين)؟ وفي المغازي من طريق عبد الله بن أبي شيبة عن ابن نمير عن هشام والله ما وضعناه فأخرج إليهم قال:"فإلى أين"؟ (قال: هاهنا وأومأ إلى بني قريظة) بضم القاف وفتح الراء وسكون