انتفاضة الحديث … وفي حديث أبي هريرة ﵁ عند الدارقطني والحاكم أن رسول الله ﷺ قال:"ما أدري الحدود كفارة لأهلها أم لا". وعن المهلب إنما سكت النبي ﷺ في أشياء معضلة ليس لها أصل في الشريعة فلا بدّ فيها من الاطّلاع على الوحي، وإلاّ فقد شرع ﷺ لأمته القياس وأعلمهم كيفية الاستنباط في مسائل لها أصول ومعان ليريهم كيف يصنعون فيما لا نص فيه، والقياس هو تشبيه ما لا حكم فيه بما فيه حكم في المعنى، وقد شبه ﷺ الحمر بالخيل فقال:"ما أنزل الله عليّ فيها شيئًا غير هذه الآية الفاذة الجامعة ﴿فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرًّا يره﴾ [الزلزلة: ٧، ٨] " وقال للمرأة التي أخبرته أن أباها لم يحج: "أرأيت لو كان على أبيك دين كنت قاضيته فالله أحق بالقضاء". فهذا هو عين القياس، وتعقبه السفاقسي بأن البخاري لم يرد النفي المطلق وإنما أراد أنه ﷺ ترك الكلام في أشياء، وأجاب بالرأي في أشياء، وقد بوّب لكل ذلك بما ورد فيه وأشار إلى قوله بعد بابين باب من شبه أصلاً معلومًا بأصل مبين.
(باب تعليم النبي ﷺ أمته من الرجال والنساء مما علمه الله ليس برأي ولا تمثيل) أي ولا قياس وهو إثبات مثل حكم معلوم في معلوم آخر لاشتراكهما فى علة الحكم والرأي أعم.
وبه قال:(حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: (حدّثنا أبو عوانة) الوضاح اليشكري (عن عبد الرحمن بن الأصبهاني) هو عبد الرحمن بن عبد الله الأصبهاني الأصل الكوفي (عن أبي صالح ذكوان) الزيات (عن أبي سعيد) الخدري ﵁ أنه قال: (جاءت امرأة) قال الحافظ ابن حجر لم أقف على اسمها، ويحتمل أن تكون هي أسماء بنت يزيد بن السكن (إلى رسول الله ﷺ فقالت: يا رسول الله ذهب الرجال بحديثك فاجعل لنا من نفسك) أي من اختيارك لا اختيارنا (يومًا) من الأيام (نأتيك فيه تعلمنا مما علمك الله فقال)ﷺ لهن: