(نعم حجي عنها أرأيت) أي أخبريني (لو كان على أمك دين) لمخلوق (أكنت قاضيته)؟ عنها (قالت: نعم. قال: فاقضوا) أيها المسلمون الحق (الذي له) تعالى ودخلت المرأة في هذا الخطاب دخولاً بالقصد الأول وقد علم في الأصول أن النساء يدخلن في خطاب الرجال لا سيما عند القرينة المدخلة، ولأبي ذر عن الكشميهني: اقضوا الله (فإن الله) تعالى (أحق بالوفاء). من غيره.
ومطابقة الحديث في كونه ﷺ شبه للمرأة التي سألته عن أمها دين الله بما تعرف من دين العباد غير أنه قال: فدين الله أحق، وقول الفقهاء بتقديم حق الآدمي لا ينافي الأحقية بالوفاء واللزوم لأن تقديم حق العبد بسبب احتياجه، ثم إن عقد هذا الباب وما فيه يدل على صحة القياس والباب السابق يدل على الذم. وأجيب: بأن القياس صحيح مشتمل على جميع شرائطه المقررة في علم الأصول وفاسد بخلاف ذلك فالمذموم هو الفاسد والصحيح لا مذمة فيه بل هو مأمور به، وفي الباب دليل على وقوع القياس منه ﷺ، وقد احتج المزني بهذين الحديثين على من أنكر القياس وما اتفق عليه الجمهور هو الحجة فقد قاس الصحابة فمن بعدهم من التابعين وفقهاء الأمصار.
(باب ما جاء في اجتهاد القضاة) بصيغة الجمع، ولأبي ذر وأبي الوقت القضاء بفتح القاف والضاد والمد وإضافة الاجتهاد إليه والمعنى الاجتهاد في الحكم وفيه حذف تقديره اجتهاد متولي القضاء (بما أنزل الله تعالى) والاجتهاد بذل الوسع للتوصل إلى معرفة الحكم الشرعي (لقوله) تعالى: (﴿ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون﴾ [المائدة: ٤٥]). يجوز أن تكون من شرطية وهو الظاهر وأن تكون موصولة والفاء في الخبر زائدة لشبهه بالشرط (ومدح النبي ﷺ صاحب الحكمة) بفتح الدال والحاء والنبي رفع على الفاعلية وصاحب نصب على المفعولية وبسكون الدال مجرورًا عطفًا على قوله ما جاء في اجتهاد ويكون المصدر مضافًا لفاعله (حين يقضي بها) بالحكمة (ويعلمها) للناس (لا) ولأبي ذر عن الكشميهني: ولا (يتكلف من قبله) بكسر القاف وفتح الموحدة أي من جهته ولأبي ذر عن الكشميهني قبله بتحتية ساكنة بدل الموحدة المفتوحة أي من كلامه (ومشاورة الخلفاء) والقضاة بالجر عطفًا على قوله في اجتهاد القضاة أي وفيما جاء في مشاورة الخلفاء (وسؤالهم أهل العلم).