للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣ - باب مَا يُكْرَهُ مِنْ كَثْرَةِ السُّؤَالِ وَتَكَلُّفِ مَا لَا يَعْنِيهِ

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾ [المائدة: ١٠١].

(باب ما يكره من كثرة السؤال) عن أمور مغيبة ورد الشرع بالإيمان بها مع ترك كيفيتها والسؤال عما لا يكون له شاهد في عالم الحس كالسؤال عن الساعة والروح ومدّة هذه الأمة إلى غير ذلك مما لا يعرف إلا بالنقل المحض (و) ما يكره من (تكلف ما لا يعنيه. وقوله تعالى) بالجر عطفًا على السابق: ﴿لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم﴾ [المائدة: ١٠١] جواب الشرط. والجملة الشرطية في محل جر صفة لأشياء وأشياء: قال الخليل وسيبويه: وجملة البصريين أصله شيآء بهمزتين بينهما ألف وهي فعلاء من لفظ شيء وهمزتها الثانية للتأنيث ولذا لم تنصرف كحمراء وهي مفردة لفظًا جمع معنى، ولما استثقلت الهمزتان المجتمعتان قدمت الأولى التي هي لام فجعلت قبل الشين فصار وزنها لفعاء والجملة التالية لهذه الجملة المعطوفة عليها وهي: إن تسألوا صفة لأشياء أيضًا أي وإن تسألوا عن هذه التكاليف الصعبة في زمان الوحي تبد لكم تلك التكاليف التي تغمكم وتشق عليكم وتؤمروا بتحملها فتعرضوا أنفسكم لغضب الله بالتفريط فيها.

٧٢٨٩ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِىَّ قَالَ: «إِنَّ أَعْظَمَ الْمُسْلِمِينَ جُرْمًا مَنْ سَأَلَ، عَنْ شَىْءٍ لَمْ يُحَرَّمْ فَحُرِّمَ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ».

وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن يزيد) أبو عبد الله (المقرئ) بالهمز الحافظ قال: (حدّثنا سعد) بكسر العين ابن أبي أبوب الخزاعي المصري واسم أبي أيوب مقلاص بكسر الميم وسكون القاف آخره صاد مهملة قال: (حدّثني) بالإفراد (عقيل) بضم العين ابن خالد الأيلي (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه) سعد بن أبي وقاص (أن النبي قال):

(إن أعظم المسلمين جرمًا﴾) بضم الجيم وسكون الراء بعدها ميم أي إثمًا (من سأل عن شيء لم يحرم) زاد مسلم على الناس (فحرم) بضم الحاء وتشديد الراء المكسورة زاد مسلم عليهم (من أجل مسألته) لا يقال إن في هذا الحديث دلالة للقدرية القائلين إن الله تعالى يفعل شيئًا من أجل شيء وهو مخالف لأهل السُّنّة، لأن أهل السُّنَّة لا ينكرون إمكان التعليل، وإنما ينكرون وجوبه فلا يمتنع أن يكون المقدر الشيء الفلاني يتعلق به الحرمة إن سئل عنه وقد سبق القضاء بذلك لا أن السؤال علة للتحريم اهـ.

والسؤال وإن لم يكن في نفسه جرمًا فضلاً عن كونه أكبر الكبائر لكنه لما كان سببًا لتحريم مباح صار أعظم الجرائم لأنه سبب في التضييق على جميع المسلمين ويؤخذ منه أن من عمل شيئًا

<<  <  ج: ص:  >  >>