(إذا) ولأبي الوقت: إن (زنت فاجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها) إنما أعاد الزنا في الجواب غير مقيد بالإحصان للتنبيه على أنه لا أثر له، وأن الموجب في الأمة مطلق الزنا والخطاب في فاجلدوها لملاك الأمة فيدل على أن السيد يقيم على عبده وأمته الحدّ ويسمع البيّنة عليهما، وبه قال الشافعي ومالك وأحمد والجمهور من الصحابة والتابعين ومن بعدهم خلافًا لأبي حنيفة في آخرين، واستثنى مالك القطع في السرقة لأن في القطع مثلة فلا يؤمن السيد أن يريد أن يمثل بعبده فيخشى أن يتصل الأمر بمن يعتقد أنه يعتق بذلك فيمنع من مباشرته القطع سدًّا للذريعة (ثم بيعوها) وأتى بثم لأن الترتيب مطلوب لمن يريد التمسك بأمته الزانية وأما من يريد بيعها من أول مرة فله ذلك ولو في قوله: (ولو بضفير) شرطية بمعنى أن أي وإن كان بضفير فيتعلق بضفير بخبر كان المقدرة وحذف كان بعد لو هذه كثير، ويجوز أن يكون التقدير ولو تبيعونها بضفير فيتعلق حرف الجر بالفعل والضفير بالضاد المعجمة والفاء فعيل بمعنى مفعول وهو الحبل المضفور، وعبّر بالحبل للمبالغة في التنفير عنها وعن مثلها لما في ذلك من الفساد والأمر ببيعها للندب عند الشافعية والجمهور ولا يضر عطفه على الأمر بالحدّ مع كونه للوجوب لأن دلالة الاقتران ليست بحجة عند غير المزني وأبي يوسف، وزعم ابن الرفعة أنه للوجوب ولكن نسخ.
(قال ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري بالسند السابق: (لا أدري بعد الثالثة) وفي رواية أبعد بهمزة التسوية وأصلها الاستفهام لكن لما كان المستفهم يستوي عنده الوجود والعدم وكذا المستفهم سميت بذلك أي لا أدري هل يجلدها ثم يبيعها ولو بضفير بعد الزنية الثالثة (أو الرابعة). وفي الحديث أن الزنا عيب يرد به الرقيق للأمر بالحط من قيمة المرقوق إذا وجد منه الزنا كما جزم به النووي، وتوقف فيه ابن دقيق العيد لجواز أن يكون المقصود الأمر بالبيع ولو انحطت القيمة فيكون ذلك متعلقًا بأمر وجودي لا إخبارًا عن حكم شرعي إذ ليس في الحديث تصريح بالأمر بالحط من القيمة انتهى.
هذا (باب) بالتنوين يذكر فيه (لا يثرب على الأمة) بضم التحتية وفتح المثلثة وكسر الراء المشددة بعدها موحدة كذا لأبي ذر بكسرها ولغيره بفتحها أي لا يعنفها ولا يوبخها (إذا زنت ولا تنفى) بضم الفوقية وسكون النون وفتح الفاء صيانة لحق مالكها.