وبه قال:(حدّثنا يحيى بن بكير) هو يحيى بن عبد الله بن بكير المخزومي قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام (عن عقيل) بضم العين المهملة وفتح القاف بن خالد الأيلي (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن سعيد بن المسيب) بفتح الياء التحتية المشددة (أن أبا هريرة ﵁ كان يقول: قال رسول الله ﷺ):
(لو تعلمون ما أعلم) من عقاب الله للعصاة وشدة مناقشته للعباد وكشف السرائر وجواب لو قوله (لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيرًا) فكل من كان بربه أعرف كان من ربه أخوف ومن علامة شدة الخوف دوام انزعاج القلب لتوقع ما يستوجبه من العقوبة لما يأتيه من الجرم ونحول البدن والخشية والبكاء.
وبه قال:(حدّثنا سليمان بن حرب) الواشحي قاضي مكة قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن موسى بن أنس) الأنصاري قاضي البصرة (عن) أبيه (أنس) أي ابن مالك (﵁) أنه (قال: قال النبي) ولأبي ذر رسول الله (ﷺ لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيرًا) قال الشيخ أبو حامد: هذا الحديث من الأسرار التي أودعها الله قلب الأمين الصادق محمد ﷺ ولا يجوز إفشاء سرها فإن صدور الأحرار قبور الأسرار، بل كان يذكر لهم ذلك حتى يبكوا ولا يضحكوا فإن البكاء ثمرة شجرة حياة القلب الحي بذكر الله واستشعار عظمته وهيبته وجلاله والضحك نتيجة القلب الغافل عن ذلك اهـ.
وفي الحديث كما قال في الكواكب: من البديع مقابلة الضحك بالبكاء والقلة بالكثرة ومطابقة كل منهما بالآخر.