مهملة التي تغمس صاحبها في الإثم (قلت): إما من مقول عبد الله بن عمرو أو راو عنه (وما اليمين الغموس؟ قال)ﷺ: (الذي يقتطع) بها (مال امرئ مسلم) أي يأخذ بها قطعة من ماله لنفسه (هو فيها كاذب) وقد سبق أن من الكبائر القتل والزنا فذكر-ﷺ في كل مكان ما يقتضي المقام وما يناسب حال المكلفين الحاضرين لذلك فربما كان فيهم من يجترئ على العقوق أو شهادة الزور فزجره بذلك.
وبه قال:(حدّثنا خلاد بن يحيى) بن صفوان أبو محمد السلمي الكوفي نزيل مكة قال: (حدّثنا سفيان) الثوري (عن منصور) هو ابن المعتمر (والأعمش) سليمان بن مهران الكوفي كلاهما (عن أبي وائل) شقيق بن سلمة (عن ابن مسعود) عبد الله (﵁) أنه (قال: قال رجل) لم أعرف اسمه (يا رسول الله أنؤاخذ) بهمزة الاستفهام وفتح الخاء المعجمة مبنيًّا للمفعول أنعاقب (بما عملنا في الجاهلية؟ قال)ﷺ:
(من أحسن في الإسلام) بالاستمرار عليه وترك المعاصي (لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية) قال الله تعالى: ﴿قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف﴾ [الأنفال: ٣٨] أي من الكفر والمعاصي، وبه استدلّ أبو حنيفة على أن المرتد إذا أسلم لم يلزمه قضاء العبادات المتروكة (ومن أساء في الإسلام) بأن ارتدّ عن الإسلام ومات على كفره (أخذ بالأول) الذي عمله في الجاهلية (والآخر) بكسر الخاء الذي عمله من الكفر فكأنه لم يسلم فيعاقب على جميع ما أسلفه، ولذا أورد المؤلّف هذا الحديث بعد حديث أكبر الكبائر الشرك وأوردهما في أبواب المرتدّين، ونقل ابن بطال عن جماعة من العلماء أن الإساءة هنا لا تكون إلا الكفر للإجماع على أن المسلم لا يؤاخذ بما عمل في الجاهلية فإن أساء في الإسلام غاية الإساءة وركب أشد المعاصي وهو مستمر على الإسلام فإنه إنما يؤاخذ بما جناه من المعصية في الإسلام.