(فقال رسول الله ﷺ: قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ) أي أمّنا من أمنتيه أو أن أمانك لذلك الرجل كأماننا له فلا يصح لعليّ قتله.
وفيه جواز أمان المرأة وإن من أمنته حرم قتله، وبه قال مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد. وعن سحنون وابن الماجشون: هو إلى الإمام إن أجازه جاز وإن ردّه ردّ. وقال في المصابيح لقائل أن يقول: إن كانت الإجارة منها يعني من أم هانئ نافذة فقد فات الأمر ونفذ الحكم فلا يوافق قوله ﵊ قد أجرنا من أجرتِ لأنه يكون تحصيلاً للحاصل، فهذا يدل على أنه ﷺ هو الذي أجار ولولا تنفيذه لما نفذ جوارها. وهل تنفيذ الجوار على القول بأنه موقوف إجارة مؤتنفة أو لا؟ هي قاعدة اختلف فيها كتنفيذ الورثة وصية المورث بما زاد عن الثلث، فقيل ابتداء عطية منهم فيشترط شروط العطية من الجوز وغيره، وقيل لا يشترط ذلك والتنفيذ ليس ابتداء عطية، وانظر ما في أمان الآحاد من المسلمين إذا عقدوه لأهل مدينة عظيمة مثل أن تؤمن امرأة أهل القسطنطينية هل يجب على الإمام تنفيذ ذلك أو إنما ينفذ تأمينهم للآحاد؟ يبحث فيه عن النص غير أن المتأخرين أجازوا للآحاد إعطاء الأمان، وقالوا مطلقًا ومقيدًا قبل الفتح وبعده هكذا في الصبح الصادع.
(قالت أم هانئ: وذلك) ولابن عساكر: وذاك (ضحى).
وهذا الحديث قد سبق في باب الصلاة في الثوب الواحد ملتحفًا به في أوائل كتاب الصلاة.
١٠ - باب ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَجِوَارُهُمْ وَاحِدَةٌ، يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ
هذا (باب) بالتنوين (ذمة المسلمين وجوارهم واحدة) خبر المبتدأ الذي هو ذمة المسلمين وجوارهم عطف عليه والمعنى أن كل من عقد أمانًا لأحد من أهل الحرب جاز أمانه على جميع المسلمين دنيا كان أو شريفًا عبدًا أو حرًّا رجلاً أو امرأة، واتفق مالك والشافعي على جواز أمان العبد قاتل أو لم يقاتل، وأجازه أبو حنيفة وأبو يوسف إن كان قاتل، وسقط من بعض النسخ لفظ وجوارهم (يسعى بها) أي بذمة المسلمين يعني أمانهم (أدناهم) أي أقلهم عددًا فيدخل فيه الواحد والمرأة لا العبد عند أبي حنيفة إلا إن قاتل فيدخل كما مرّ.