وقوله في الحديث: لا أفضل من ذلك أي لك وذلك لما علم من حاله ومنتهى قوته وأن ما هو أكثر من ذلك يضعفه عن الفرائض ويقعد به عن الحقوق والمصالح، ويلتحق به من في معناه. لكن تعقبه ابن دقيق العيد بأن الأفعال متعارضة المصالح والمفاسد وليس كل ذلك معلومًا لنا ولا مستحضرًا، وإذا تعارضت المصالح والمفاسد فمقدار تأثير كل واحدة منها في الحث أو المنع غير محقق لنا فالطريق حينئذ أن نفوّض الأمر إلى صاحب الشرع ونجري على ما دل عليه ظاهر الشرع من قوة الظاهر هنا، وأما زيادة العمل واقتضاء العادة لزيادة الأجر بسببه فيعارضه اقتضاء العادة والجبلة للتقصير في حقوق يعارضها الصوم الدائم ومقادير ذلك الفائت مع أن مقادير الحاصل من الصوم غير معلومه لنا.
ومطابقة الحديث للترجمة في قوله: وذلك مثل صيام الدهر.
(باب حق الأهل) الأولاد والقرابة (في الصوم رواه) أي حق الأهل (أبو جحيفة) وهب بن عبد الله السوائي فيما سبق في قصة سلمان وأبي الدرداء (عن النبي ﷺ) حيث قال سلمان لأبي الدرداء: وأن لأهلك عليك حقًا، وأقره ﷺ عليه.
وبالسند قال (حدّثنا عمرو بن علي) الباهلي الصيرفي الفلاس البصري قال: (أخبرنا) ولابن عساكر: حدّثنا (أبو عاصم) النبيل الضحاك بن مخلد (عن ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز المكي قال: (سمعت عطاء) هو ابن أبي رباح المكي (أن أبا العباس) السائب الأعمى (الشاعر) المكي (أخبره أنه سمع عبد الله بن عمرو ﵄ يقول: بلغ النبي ﷺ) أي من أبيه عمرو بن العاص (إني أُسرد الصوم)، بضم الراء أي أصوم متتابعًا ولا أفطر (وأصلي الليل) كله (فإما أرسل)﵊(إليّ وإما لقيته)﵊ من غير إرسال (فقال):
(ألم أخبر) بضم الهمزة وسكون المعجمة وفتح الموحدة (إنك تصوم ولا تفطر وتصلي)؟ أي الليل (ولا تنام فصم وأفطر) بهمزة قطع (وقم ونم، فإن لعينك) بالإِفراد ولغير السرخسي والكشميهني