يحدث بهذا الحديث (لا يغير عليه شيئًا من حديثه) ولا يردّه عليه (حتى انتهى إلى قوله هذا لك ومثله معه. قال أبو سعيد: سمعت رسول الله ﷺ ويقول هذا لك وعشرة أمثاله. قال أبو هريرة: حفظت مثله معه) أي هذا لك ومثله معه وجمع القاضي عياض بينهما باحتمال أن يكون أبو هريرة سمع أولاً قوله ومثله معه فحدث به ثم إن النبي ﷺ حدث بالزيادة فسمعه أبو سعيد والله أعلم.
والحديث أخرجه أيضًا في التوحيد ومسلم في الإيمان والنسائي في الصلاة والتفسير.
هذا (باب) بالتنوين (في الحوض) الذي لنبينا ﷺ في الآخرة قال في الصحاح: الحوض واحد الأحواض والحياض وحضت أحوض اتخذت حوضًا واستحوض الماء اجتمع والمحوض بالتشديد شيء كالحوض يجعل للنخلة تشرب منه. وقال ابن قرقول: والحوض حيث تستقر المياه أي تجتمع لتشرب منها الإبل، واختلف في حوضه ﷺ هل هو قبل الصراط أبو بعده؟ قال أبو الحسن القابسي: الصحيح أن الحوض قبل. قال القرطبي في تذكرته: والمعنى يقتضيه فإن الناس يخرجون عطاشًا من قبورهم، واستدلّ بما في البخاري من حديث أبي هريرة مرفوعًا: بينا أنا قائم على الحوض إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال: هلم. فقلت: أين؟ قال: إلى النار الحديث. ويأتي إن شاء الله تعالى في هذا الباب. قال القرطبي: فهذا الحديث يدل على أن الحوض يكون في الموقف قبل الصراط لأن الصراط إنما هو جسر على جهنم ممدود يجاز عليه فمن جازه سلم من النار اهـ.
وقال آخرون: إنه بعد الصراط، وصنيع البخاري في إيراده لأحاديث الحوض بعد أحاديث الشفاعة بعد نصب الصراط مشعر بذلك، وفي حديث أنس عند الترمذي ما يدل له ولفظه: سألت رسول الله ﷺ أن يشفع لي فقال: "أنا فاعل". فقلت: أين أطلبك؟ قال:"اطلبني أوّل ما تطلبني على الصراط". قلت: فإن لم ألقك؟ قال:"أنا عند الميزان" قلت: فإن لم ألقك؟ قال "أنا عند الحوض". ويؤيده ظاهر قوله ﷺ في حديث الحوض:"من شرب منه لم يظمأ أبدًا" لأنه يدل على أن الشرب منه يكون بعد الحساب والنجاة من النار لأن ظاهر حال من لا يظمأ أن لا يعذب بالنار.
وأما حديث أبي هريرة السابق المستدل به على القبلية: فأجيب عنه: باحتمال أنهم يقربون من الحوض بحيث يرونه ويرون فيدفعون في النار قبل أن يخلصوا من بقية الصراط فليتأمل.