مال مسلم إلا عن طيب نفسه ولأن القيمة إنما وجبت بناء على صدق دعوى الغاصب أن الجارية ماتت فلما تبين أنها لم تمت فهي باقية على ملك المغصوب منه لأنه لم يجر بينهما عقد صحيح فوجب أن تردّ إلى صاحبها. قال: وفرقوا بين الثمن والقيمة بأن الثمن في مقابلة الشيء القائم والقيمة في مقابلة الشيء المستهلك، وكذا في البيع الفاسد والفرق بين الغصب والبيع الفاسد أن البائع رضي بأخذ الثمن عوضًا عن سلعته وأذن للمشتري بالتصرف فيها فإصلاح هذا البيع أن يأخذ قيمة السلعة إن فاتت، والغاصب لم يأذن له المالك فلا يحل أن يتملكه الغاصب إلا إن رضي المغصوب منه بقيمته. والحديث من إفراده.
[١٠ - باب]
هذا (باب) بالتنوين من غير ترجمة فهو كالفصل من السابق، وسقط لفظ باب للنسفي والإسماعيلي.
وبه قال:(حدّثنا محمد بن كثير) بالمثلثة أبو عبد الله العبدي البصري أخو سليمان بن كثير (عن سفيان) الثوري (عن هشام عن) أبيه (عروة) بن الزبير (عن زينب ابنة) ولأبي ذر بنت (أم سلمة) واسم أن زينب أبو سلمة بن عبد الأسد (عن) أمها (أم سلمة) هند بنت أبي أمية ﵂(عن النبي ﷺ) أنه (قال):
(إنما أنا بشر) يطلق على الواحد كما هنا وعلى الجمع قوله تعالى: ﴿نذيرًا للبشر﴾ [المدثر: ٣٦] وليست إنما هنا للحصر التام بل لحصر بعض الصفات في الموقوف فهو حصر في البشرية بالنسبة إلى الاطّلاع على البواطن ويسمى هذا عند أهل البيان قصر قلب لأنه أتى به ردًّا على من يزعم أن من كان رسولاً يعلم الغيب ولا يخفى عليه المظلوم فأعلم ﷺ أنه كالبشر في بعض الصفات الخلقية وإن زاد عليهم بما أكرمه الله به من الكرامات من الوحي والإطلاع على المغيبات في أماكن وأنه يجوز عليه في الأحكام ما يجوز عليهم وإنه إنما يحكم بينهم بالظواهر فيحكم بالبيّنة واليمين وغيرهما مع جواز كون الباطن على خلاف ذلك، ولو شاء الله لأطلعه على باطن أمر الخصمين فحكم بيقين من غير احتياج إلى حجة من المحكوم له من بيّنة أو يمين لكن لما كانت أمته مأمورين باتّباعه والاقتداء بأقواله وأفعاله جعل له من الحكم في أقضيته ما يكون حكمًا لهم في أقضيتهم لأن الحكم بالظاهر أطيب للقلوب وأسكن للنفوس، وقال ﷺ ذلك توطئة لما يأتي بعد لأنه معلوم أنه ﷺ بشر (وأنكم تختصمون) زاد أبو ذر عن الكشميهني إليّ فلا أعلم