وقال آخرون: تجب على من آواه الليل إلى أهله لحديث أبي هريرة مرفوعًا: الجمعة على من آواه الليل إلى أهله. رواه الترمذي والبيهقي وضعفاه، أي: أنه إذا جمع مع الإمام أمكنه العود إلى أهله آخر النهار، قبل دخول الليل.
ورواة الحديث ما بين مصري ومدني، وفيه رواية الرجل عن عمه، والتحديث والإخبار والعنعنة والقول، وأخرجه مسلم وأبو داود في الصلاة.
١٦ - باب وَقْتُ الْجُمُعَةِ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ
هذا (باب) بالتنوين (وقت الجمعة) أوّله (إذا زالت الشمس) عن كبد السماء.
(وكذلك يروى) بضم أوّله وفتح الواو، ويروى في نسخة عن الأربعة: يذكر (عن فضلاء الصحابة): (عمر) بن الخطاب، فيما وصله ابن أبي شيبة، وشيخ المؤلّف: أبو نعيم في كتاب الصلاة له، من رواية عبد الله بن سيدان بكسر المهملة وسكون المثناة التحتية وغيره (وعلي) هو: ابن أبي طالب، مما رواه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح، (والنعمان بن بشير) مما رواه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح أيضًا، عم سماك بن حرب (وعمر بن حريث) بفتح العين وسكون الميم في الأوّل، وبالتصغير في الثاني، مما وصله ابن أبي شيبة أيضًا، من طريق الوليد بن العيزار (﵃)، وهو مذهب عامّة العلماء.
وذهب أحمد إلى صحة وقوعها قبل الزوال، متمسكًّا بما روي عن أبي بكر، وعمر، وعثمان،﵃: أنهم كانوا يصلون الجمعة قبل الزوال، من طريق لا تثبت. وما روي أيضًا، من طريق عبد الله بن سلمة، بكسر اللام: أن عبد الله بن مسعود صلّى بهم الجمعة ضحى، وقال: خشيت عليكم الحر.
وأجيب: بأن عبد الله، وإن كان كبيرًا، لكنه تغير لا كبر. قاله شعبة.
وقول بعض الحنابلة، محتجًّا بقوله ﵊:"إن هذا يوم جعله الله عيدًا للمسلمين"، فلما سماه عيدًا جازت الصلاة فيه في وقت العيد: كالفطر والأضحى، معارض بأنه لا يلزم من تسمية يوم الجمعة عيدًا أن يشتمل على جميع أحكام العيد، بدليل أن يوم العيد يحرم صومه مطلقًا، سواء صام قبله أو بعده، بخلاف يوم الجمعة باتفاقهم. اهـ.