وبالسند قال:(حدّثنا إبراهيم بن المنذر) الحزامي بالحاء المهملة والزاي قال: (حدّثنا ابن وهب) عبد الله المصري قال: (أخبرني) بالإفراد (يونس) بن يزيد الأيلي (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (قال: أخبرني) بالإفراد (عبيد الله بن عبد الله بن عمر) بتصغير عبد الأوّل (عن أبيه قال: صلّى رسول الله ﷺ بمنى) الرباعية (ركعتين) قصرًا، (و) كذا صلاها (أبو بكر وعمر)﵄، (و) كذا (عثمان)﵁(صدرًا من) أيام (خلافته) ثم أتمها بعد ست سنين لأن الإتمام والقصر جائزان ورأى ترجيح طرف الإتمام لأن فيه زيادة مشقة. وفي رواية أبي سفيان عن عبيد الله عند مسلم ثم إن عثمان صلّى أربعًا فكان ابن عمر إذا صلّى مع الإمام صلّى أربعًا، وإذا صلّى وحده صلّى ركعتين.
ولمسلم أيضًا قال: صلّى النبي ﷺ بمنى صلاة المسافر وأبو بكر وعمر وعثمان ثمان سنين أو ست سنين، وقد اتفق الأئمة على أن الحاج القادم من مكة يقصر الصلاة بها وبمنى وسائر المشاهد لأنه عندهم في سفر لأن مكة ليست دار إقامة إلا لأهلها أو لمن أراد الإقامة بها. وكان المهاجرون قد فرض عليهم ترك المقام بها فلذلك لم ينو ﷺ الإقامة بها ولا بمنى، ومذهب المالكية القصر حتى أهل مكة وعرفة ومزدلفة للسنة.
قال ابن المنير السر في القصر في هذه المواضع المتقاربة إظهار الله تعالى تفضله على عباده حيث اعتد لهم بالحركة القريبة اعتداده بالسفر البعيد، فجعل الوافدين من عرفة إلى مكة كأنهم سافروا إليها ثلاثة أسفار: سفر إلى المزدلفة ولهذا يقصر أهل عرفة بالمزدلفة، وسفر إلى منى ولهذا يقصر أهل المزدلفة بمنى، وسفر إلى مكة ولهذا يقصر أهل مكة بمنى فهي على قربها من عرفة معدودة بثلاث مسافات كل مسافة منها سفر طويل، وسر ذلك والله أعلم أنهم كلهم وفد الله وأن القريب كالبعيد في إسباغ الفضل اهـ.