والمطابقة بين الترجمة والحديث ظاهرة. وفي حديث عائشة عند أبي داود والترمذي وحسنه وصححه أبو عوانة وابن خزيمة وابن حبان والحاكم مرفوعًا "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل" الحديث. وفيه السلطان ولي من لا ولي له لكنه لما لم يكن على شرط المؤلّف استنبط الحكم من قصة الواهبة ولا يزوج السلطان إلا بالغة بكفء عند عدم وليها الخاص أو غيبة الأقرب مسافة القصر، وهل يزوّج بالولاية العامة أو النيابة الشرعية وجهان حكاهما الإمام، وأفتى البغوي منهما بالأول قال: لأنه كان بالنيابة لما زوج مولية الرجل منه ومن فوائد الخلاف أنه لو أراد القاضي نكاح من غاب وليها إن قلنا بالولاية زوّجه أحد نوابه أو قاضٍ آخر أو بالنيابة لم يجز ذلك.
هذا (باب) بالتنوين (لا ينكح الأب) بضم التحتية وكسر الكاف من الإنكاح (وغيره) من الأولياء (البكر والثيب إلا برضاهما) سواء كانتا كبيرتين أو صغيرتين كما هو ظاهر حديث الباب.
وبه قال:(حدّثنا معاذ بن فضالة) بفتح الفاء وتخفيف المعجمة قال: (حدّثنا هشام) الدستوائي (عن يحيى) بن أبي كثير (عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف (أن أبا هريرة)﵁(حدّثهم أن النبي ﷺ قال):
(لا تنكح الأيم) بضم الفوقية وفتح الكاف مبنيًّا للمفعول ورفع الحاء على أن لا نافية خبر بمعنى النهي وبالجزم كسر لالتقاء الساكنين على أنها ناهية والأولى أبلغ والأيم بتشديد التحتية المكسورة في الأصل التي لا زوج لها بكرًا كانت أو ثيبًا مطلّقة أو متوفّى عنها والمراد بها هنا التي زالت بكارتها بأي وجه كان سواء زالت بنكاح صحيح أو شبهة أو فاسد أو زنا أو بوثبة أو بأصبع أو غير ذلك لأنها جعلت مقابلة للبكر (حتى تستأمر) بضم الفوقية وفتح الميم أي يطلب أمرها (ولا تنكح البكر حتى تستأذن) أي يطلب إذنها وفرق بينهما بأن الأمر لا بد فيه من لفظ والإذن يكون بلفظ وغيره (قالوا: يا رسول الله وكيف إذنها)؟ أي البكر (قال: أن تسكت) لأنها قد تستحيي أن تفصح واختلف فيما إذا سكتت وظهرت منها قرينة السخط كالبكاء أو الرضا كالتبسم فعند المالكية إن ظهرت منها قرينة الكراهة لم تزوج، وعند الشافعية لا يؤثر ذلك إلا إن وقع مع البكاء صياح ونحوه.
وهذا الحديث أخرجه أيضًا في ترك الحيل ومسلم في النكاح وكذا النسائي.