(فقال النبي ﷺ: من السائق؟ قالوا) هو (عامر. فقال)ﷺ﵀ قالوا: يا رسول الله هلا أمتعتنا به؟) بهمزة مفتوحة وسكون الميم بحياة عامر قبل إسراع الموت له لأنه ﷺ ما قال مثل ذلك لأحد ولا استغفر لإنسان قط يخصه بالاستغفار عند القتال إلا استشهد، وفي غزوة خيبر قال رجل من القوم: وجبت يا نبي الله لولا أمتعتنا به، ووقع في مسلم أن هذا الرجل هو عمر بن الخطاب (فأصيب) عامر (صبيحة ليلته) تلك وذلك أن سيفه كان قصيرًا فتناول به يهوديًا ليضربه به فرجع ذبابه فأصاب ركبته، ولم يذكر في هذه الطريق كيفية قتله على عادته ﵀ في ذكر الترجمة بالحكم، ويكون قد أورد ما يدل على ذلك صريحًا في مكان آخر حرصًا على عدم التكرار بغير فائدة وليبعث الطالب على تتبع طرق الحديث والاستكثار منها ليتمكن من الاستنباط (فقال القوم): ومنهم أسيد بن حضير كما عند المؤلّف في الأدب (حبط عمله) بكسر الموحدة أي بطل لأنه (قتل نفسه فلما رجعت وهم يتحدثون أن عامرًا حبط عمله) قال سلمة (فجئت إلى النبي ﷺ فقلت: يا نبي الله) ولأبي ذر يا رسول الله (فداك) بفتح الفاء (أبي وأمي زعموا أن عامرًا حبط عمله. فقال)ﷺ(كذب من قالها) أي كلمة حبط عمله (إن له لأجرين) أجر الجهد في الطاعة وأجر الجهاد في سبيل الله واللام في لأجرين للتأكيد (اثنين) تأكيد لأجرين (إنه لجاهد) مرتكب للمشقة في الخير (مجاهد) في سبيل الله ﷿(وأي قتل) بفتح القاف وسكون الفوقية (يزيده عليه) أي يزيد الأجر على أجره، ولأبي ذر عن الكشميهني: وأي قتيل بكسر الفوقية وزيادة تحتية ساكنة يزيد عليه بإسقاط الهاء من يزيده، وللأصيلي وأي قتيل يزيده.
وهذا الحديث حجة لجمهور أن من قتل نفسه لا يجب فيه شيء إذ لم ينقل أنه ﷺ أوجب في هذه القصة شيئًا وقال الكرماني: والظاهر أن قوله أي في الترجمة فلا دية له لا وجه له وموضعه اللائق به الترجمة السابقة أي إذا مات في الزحام فلا دية له على المزاحمين لظهور أن قاتل نفسه لا دية له، ولعله من تصرفات النقلة عن نسخة الأصل.
وهذا الحديث هو التاسع عشر من ثلاثيات البخاري، وسبق في المغازي والأدب والمظالم والذبائح والدعوات، وأخرجه مسلم وابن ماجة.
١٨ - باب إِذَا عَضَّ رَجُلاً فَوَقَعَتْ ثَنَايَاهُ
هذا (باب) بالتنوين يذكر فيه (إذا عض) رجل (رجلاً فوقعت ثناياه) ثنايا العاضّ.