موسى) أطولهما أو أقصرهما لما قال له صهره إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني أي أن تأجر نفسك مني ثماني حجج أي سنين فإن أتممت عشرًا فمن عندك أي فإتمامه من عندك تفضلاً لا من عندي إلزامًا عليك فتحصل البراءة من العهدة بفعل الأقل، ولذا قال: أيما الأجلين قضيت فلا عدوان عليّ أي فلا حرج عليّ قال سعيد بن جبير: (قلت) لليهودي: (لا أدري حتى أقدم) أي مكة (على حبر العرب) بفتح الحاء المهملة وسكون الموحدة ابن عباس، وعند أبي نعيم من حديث ابن عباس مرفوعًا: أن جبريل سمّاه بذلك (فاسأله) عن ذلك (فقدمت) مكة (فسألت ابن عباس)﵄(فقال قضى أكثرهما وأطيبهما) في نفس شعيب (إن رسول الله) موسى (ﷺ) أو من اتّصف بالرسالة ولم يرد نبيًّا بعينه (إذا قال فعل) لأن محاسن الأخلاق النبوية مقتضية لذلك، وهذا رواه سعيد موقوفًا وهو في الحكم مرفوع لأن ابن عباس كان لا يعتمد على أهل الكتاب، وقد صرّح برفعه عكرمة عن ابن عباس كما عند ابن جرير عنه أن رسول الله ﷺ قال:"سألت جبريل أيّ الأجلين قضي موسى"؟ قال: أتمهما وأكملهما. وعند ابن أبي حاتم من مرسل يوسف بن مرح أن رسول الله ﷺ سئل أيّ الأجلين قضى موسى؟ قال: لا علم لي فسأل رسول الله ﷺ جبريل فقال: لا علم لي، فسأل جبريل ملكًا فوقه فقال لا علم لي فسأل ذلك الملك ربه فقال الرب ﷿: أبرّهما وأتقاهما أو قال أرجاهما. وزاد الإسماعيلي من الطريق التي أخرجها البخاري قال سعيد: فلقيني اليهودي فأعلمته ذلك فقال: صاحبك والله عالم.
٢٩ - باب لَا يُسْأَلُ أَهْلُ الشِّرْكِ عَنِ الشَّهَادَةِ وَغَيْرِهَا
هذا (باب) بالتنوين (لا يسأل) بضم أوّله مبنيًّا للمفعول (أهل الشرك) بالرفع نائبًا عن الفاعل (عن الشهادة و) لا (غيرها) إذ لا تقبل شهادتهم خلافًا للحنفية حيث قالوا بقبولها من أهل الذمة على بعضهم وإن اختلفت مِلَلهم لأنه ﵊ رجم يهوديين زنيا بشهادة أربعة منهم.
(وقال الشعبي) عامر بن شراحيل فيما وصله سعيد بن منصور (لا تجوز شهادة أهل المِلل) بكسر الميم أي مِلل الكفر (بعضهم على بعض) زاد سعيد بن منصور إلاّ المسلمين (لقوله تعالى) ولأبي ذر ﷿(﴿فأغرينا﴾) فألزمنا من غري بالشيء إذا ألصق به (﴿بينهم العداوة والبغضاء﴾)[المائدة: ١٤] ولا يزالون كذلك إلى قيام الساعة وكذلك طوائف النصارى على اختلاف أجناسهم لا يزالون متباغضين متعادين يكره بعضهم بعضًا فالمالكية تكفر اليعقوبية وكذلك الآخرون كل طائفة تلعن الأخرى في هذه الدنيا ويوم يقوم الأشهاد.