فمرت بهما سفينة فكلموهم) أي موسى والخضر ويوشع كلموا أصحاب السفينة (أن) أي لأن (يحملوهما) أي لأجل حملهم إياهما (فعرف الخضر فحملوهما) أي الخضر وموسى (بغير نول) بفتح النون أي بغير أُجرة ولم يذكر يوشع معهما كما في قوله، فانطلقا يمشيان لأنه تابع غير مقصود بالأصالة، ويحتمل أن يكون يوشع لم يركب معهما لأنه لم يقع له ذكر بعد ذلك وضمه معهما في كلام أهل السفينة لأن المقام يقتضي كلام التابع، لكن في رواية بفرع اليونينية كهي فعرف الخضر فحملوهم بالجمع وهو يقتضي الجزم بركوبه معهما في السفينة (فجاء عصفور) بضم أوّله، وحكى ابن رشيق في كتاب الغرائب فتحه قيل وسمي به لأنه عصى وفرّ قاله الدميري، وقيل إنه الصرد (فوقع على حرف السفينة فنقر نقرة) بالنصب على المصدر (أو نقرتين) عطف عليه (في البحر فقال الخضر يا موسى ما نقص علمي وعلمك من علم الله) أي من معلومه (إلا كنقرة هذا العصفور في البحر) وعند المؤلف أيضًا ما علمي وعلمك في جنب علم الله تعالى إلا كما أخذ هذا العصفور بمنقاره من هذا البحر أي في جنب معلوم الله تعالى، وهو أحسن سياقًا من المسوق هنا وأبعد عن الإشكال ومفسر للواقع هنا والعلم يطلق، ويراد به المعلوم بدليل دخول حرف التبعيض وهو من في قوله من علم الله لأن العلم القائم بذات الله تعالى صفة قديمة لا تتبعض، فليس العلم هنا على ظاهره لأن علم الله تعالى لا يدخله نقص، وقيل نقص بمعنى أخذ لأن النقص أخذ خاص فيكون التشبيه واقعًا على الأخذ لا على المأخوذ منه إذ نقص العصفور لا تأثير له فكأنه لم يأخذ شيئًا فهو كقوله:
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم … بهن فلول من قراع الكتائب
أي ليس فيهم عيب. وقيل: هذا الطائر من الطيور التي تعلو مناقيرها بحيث لا يعلق بها ماء البتة، (فعمد الخضر) بفتح الميم كضرب (إلى لوح من ألواح السفينة فنزعه) بفأس فانخرقت ودخل الماء (فقال) له (موسى)﵇ هؤلاء (قوم حملونا بغير نول) بفتح أوّله أي بغير أجر (عمدت) بفتح الميم (إلى سفينتهم فخرقتها لتغرق) بضم المثناة الفوقية وكسر الراء على الخطاب مضارع أغرق أي لأن تغرق (أهلها) نصب على المفعولية ولا ريب أن خرقها سبب لدخول الماء فيها المفضي إلى غرق أهلها. وفي رواية ليغرق بفتح المثناة التحتية وفتح الراء على الغيب مضارع غرق أهلها بالرفع على الفاعلية. (قال) الخضر (ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرًا) ذكره بما قال له قبل (قال) موسى (لا تؤاخذني بما نسيت) أي بالذي نسيته أو بنسياني أو بشيء نسيته يعني وصيته بأن لا يعترض عليه وهو اعتذار بالنسيان أخرجه في معرض النهي عن المؤاخذة مع قيام المانع لها زاد في رواية أبوي ذر والوقت: ولا ترهقني من أمري عسرًا أي ولا تغشني عسرًا من أمري بالمضايقة والمؤاخذة على المنسي فإن ذلك يعسر على متابعتك، (فكانت) المسألة (الأولى من موسى)﵇(نسيانًا) بالنصب خبر كان، (فانطلقا) بعد خروجهما من السفينة (فإذا غلام) بالرفع مبتدأ لكونه تخصص بالصفة وهو قوله: (يلعب مع الغلمان) والخبر محذوف والغلام اسم للمولود إلى أن يبلغ، وكان الغلمان عشرة وكان الغلام أظرفهم وأوضأهم، واسم الغلام حيسون أو حيسور. وعن الضحاك يعمل بالفساد ويتأذّى منه