للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

للتنبيه بالشاهد على الغائب، ويحتمل أن تكون من موصولة لا شرطية فتكون مبتدأ والخبر كراع يرعى، وحينئذ لا حذف. والتقدير الذي وقع في الشبهات كراع يرعى مواشيه (حول الحمى) بكسر الحاء المهملة وفتح الميم المحمي من إطلاق المصدر على اسم المفعول والمراد موضع الكلأ الذي منع منه الغير وتوعد على من رعى فيه (يوشك) بكسر المعجمة أي يقرب (أن يواقعه) أي يقع فيه. وعند ابن حبّان: اجعلوا بينكم وبين الحرام سترة من الحلال من فعل ذلك استبرأ لعرضه ودينه ومن أرتع فيه كان كالمرتع إلى جنب الحمى يوشك أن يقع فيه، فمن أكثر من الطيبات مثلاً فإنه يحتاج إلى كثرة الاكتساب الموقع في أخذ ما لا يستحق فيقع في الحرام فيأثم وإن لم يتعمد لتقصيره أو يفضي إلى بطر النفس، وأقل ما فيه الاشتغال عن مواقف العبودية ومن تعاطى ما نهي عنه أظلم قلبه لفقد نور الورع، وأعلى الورع ترك الحلال مخافة الحرام كترك ابن أدهم أجرته لشكه في وقاء عمله وطوى من جوع شديد.

فائدة: بالله ما لم تعلم حلّه يقينًا اتركه كتركه تمرة خشية الصدقة كما في البخاري. الأورع أسرع على الصراط يوم القيامة. قالت أُخت بشر الحافي لأحمد بن حنبل: إنّا نغزل على سطوحنا فيمر بنا مشاعل الظاهرية ويقع الشعاع علينا أفيجوز لنا الغزل في شعاعها؟ فقال: من أنت عافاك الله؟ قالت: أخت بشر الحافي فبكى وقال: من بيتكم يخرج الورع الصادق لا تغزلي في شعاعها.

مكث مالك بن دينار بالبصرة أربعين سنة لم يأكل من ثمرها حتى مات. أقامت السيدة بديعة الإيجية من أهل عصرنا هذا بمكة أكثر من ثلاثين سنة لم تأكل من اللحوم والثمار وغيرها المجلوبة من بجيلة لما قيل إنهم لا يورثون البنات. وامتنع أبوها نور الدين من تناول ثمر المدينة لما ذكر أنهم لا يزكّون.

من ترخص ندم ومن فواضل الفضائل حرم.

(ألا) يفتح الهمزة وتخفيف اللام أن الأمر كما تقدم (وإن لكل ملك) بكسر اللام من ملوك العرب (حمى) مكانًا مخصبًا حظره لرعي مواشيه وتوعد من رعى فيه بغير إذنه بالعقوبة الشديدة، وسقط قوله ألا وإن في رواية الأصيلي (ألا) بفتح الهمزة وتخفيف اللام (إن) وفي رواية أبي ذر: وإن (حمى الله) تعالى، وفي رواية غير المستملي هنا زيادة (في أرضه محارمه) أي المعاصي التي حرمها كالزنا والسرقة فهو من باب التمثيل والتشبيه بالشاهد عن الغائب، فشبه المكلف بالراعي والنفس البهيمية بالأنعام. والمشبهات بما حول الحمى والمحارم بالحمى وتناول المشبهات بالرتع حول الحمى، ووجه التشبيه حصول العقاب بعدم الاحتراز عن ذلك كما أن الراعي إذا جره رعيه حول الحمى إلى وقوعه في الحمى استحق العقاب بسبب ذلك، فكذلك من أكثر من الشبهات وتعرض لمقدماتها وقع في الحرام فاستحق العقاب بسبب ذلك. (ألا) إن الأمر كما ذكر (وإن فى الجسد مضغة) النصب اسم إن مؤخرًا أي قطعة من اللحم وسميت بذلك لأنها تمضغ في الفم لصغرها (إذا صلحت) بفتح اللام وقد تضم أي المضغة (صلح الجسد كله) وسقط لفظ كله عند ابن عساكر (وإذا فسدت) أي المضغة أيضًا (فسد الجسد كله ألا وهي القلب) إنما كان كذلك لأنه أمير البدن وبصلاح الأمير تصلح

<<  <  ج: ص:  >  >>