ووصله مسلم عن أحمد بن يونس عن فضيل. وقد سبق في تفسير سورة الزمر أن الخطابي ذكر الأصبع وقال: إنه لم يقع في القرآن ولا في حديث مقطوع به، وقد تقرر أن اليد ليست جارحة حتى يتوهم من ثبوتها ثبوت الأصابع بل هو توقيف أطلقه الشارع فلا يكيف ولا يشبه، ولعل ذكر الأصابع من تخليط اليهود فإن اليهود مشبهة وقول من قال من الرواة وتصديقًا له أي لليهود ظن وحسبان، وقد روى هذا الحديث غير واحد من أصحاب عبد الله فلم يذكروا فيه تصديقًا له ثم قال: ولو صح الخبر حملناه على تأويل قوله والسماوات مطويات بيمينه اهـ.
وتعقبه بعضهم بورود الأصابع في عدة أحاديث منها ما أخرجه مسلم: إن قلب ابن آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن ولكن هذا لا يرد عليه لأنه إنما نفى القطع، نعم ذهب الشيخ أبو عمرو بن الصلاح إلى أن ما اتفق عليه الشيخان بمنزلة المتواتر فلا ينبغي التجاسر على الطعن في ثقات الرواة وردّ الأخبار الثابتة، ولو كان الأمر على خلاف ما فهمه الراوي بالظن للزم منه تقريره ﷺ على الباطل وسكوته عن الإنكار وحاش الله من ذلك، وقد اشتد إنكار ابن خزيمة على من ادّعى أن الضحك المذكور كان على سبيل الإنكار فقال بعد أن أورد هذا الحديث في صحيحه في كتاب التوحيد بطرقه قد أجلّ الله تعالى نبيه ﷺ أن يوصف ربه بحضرته بما ليس هو من صفاته فيجعل بدل الإنكار والغضب على الوصف ضحكًا بل لا يصف النبي ﷺ بهذا الوصف من يؤمن بنبوته اهـ.
وبه قال:(حدّثنا عمر بن حفص بن غياث) سقط لأبي ذر بن غياث قال: (حدّثنا أبي) حفص قال: (حدّثنا الأعمش) سليمان قال: (سمعت إبراهيم) النخعي (قال: سمعت علقمة) بن قيس (يقول: قال عبد الله) بن مسعود ﵁(جاء رجل إلى النبي ﷺ من أهل الكتاب) من اليهود (فقال: يا أبا القاسم إن الله يمسك السماوات على إصبع والأرضين على إصبع والشجر والثرى على أصبع والخلائق) أي الذين لم يذكروا فيما مرّ (على إصبع ثم يقول: أنا الملك أنا الملك) قالها مرتين قال ابن مسعود (فرأيت النبي ﷺ ضحك) أي تعجبًا كما مرّ (حتى بدت نواجذه) بالجيم والمعجمة (ثم قرأ: ﴿وما قدروا الله حق قدره﴾ [الأنعام: ٩١]).
قال القرطبي في المفهم: ضحكه ﷺ إنما هو للتعجب من جهل اليهودي، ولهذا قرأ عند ذلك ﴿وما قدروا الله حق قدره﴾ فهذه الرواية هي الصحيحة المحققة وأما من زاد تصديقًا له