المقدسة ما يضحك منه، وعند أبي يعلى من طريق هشام بن سعد عن زيد بن أسلم بسند الباب أن رجلاً كان يلقب حمارًا وكان يهدي لرسول الله ﷺ العكة من السمن والعسل، فإذا جاء صاحبه يتقاضاه جاء به إلى النبي ﷺ فقال: أعط هذا متاعه فما يزيد النبي ﷺ على أن يتبسم ويأمر به فيعطى وفي حديث عبد الله بن عمرو بن حزم وكان لا يدخل المدينة طرفة إلا اشترى منها ثم جاء فقال: يا رسول الله هذا أهديته لك فإذا جاء صاحبه يطلب ثمنه. فقال: اعط هذا الثمن فيقول ألم تهده لي فيقول ليس عندي فيضحك ويأمر لصاحبه بثمنه قال: وقد وقع نحو هذا لنعيمان فيما ذكره الزبير بن بكار في كتاب الفكاهة والمزاح.
(وكان النبي ﷺ قد جلده في الشراب) أي بسبب شربه الشراب المسكر (فأتي) بضم الهمزة (به يومًا) وقد شرب المسكر وكان في غزوة خيبر كما قاله الواقدي (فأمر)ﷺ(به فجلد) وللواقدي فأمر به فخفق بالنعال وحينئذٍ فيكون معنى فجلد أي ضرب ضربًا أصاب جلده (فقال) ولأبي ذر قال: (رجل من القوم) وعند الواقدي فقال عمر ﵁: (اللهم العنه ما أكثر ما يؤتى به) بضم التحتية وفتح الفوقية وما مصدرية أي ما أكثر إتيانه وللواقدي ما أكثر ما يضرب وفي رواية معمر ما أكثر ما يشرب وما أكثر ما يجلد (فقال النبي ﷺ):
(لا تلعنوه فوالله ما علمت) أي الذي علمت (أنه) بفتح همزة أن واسمها الضمير وخبرها (يحب الله ورسوله) وأن مع اسمها وخبرها سد مسد مفعولي علمت لكونه مشتملاً على المنسوب والمنسوب إليه، والضمير في أنه يعود إلى الموصول والموصول مع صلته خبر مبتدأ محذوف تقديره هو الذي علمت والجملة جواب القسم، قاله المظهري. قال الطيبي: وفيه تعسف، وقال صاحب المطالع: ما موصولة وأنه بكسر الهمزة مبتدأ وقيل بفتحها وهو مفعول علمت. قال الطيبي: فعلى هذا علمت بمعنى عرفت وأنه خبر الموصول قال: وجعل ما نافية أظهر لاقتضاء القسم أن يتلقى بحرف النفي وبأن وباللام بخلاف الموصول ولأن الجملة القسمية جيء بها مؤكدة لمعنى النهي مقررة للإنكار، ولأبي ذر عن الكشميهني إلا أنه بزيادة إلا وفتح همزة أنه ولأبي ذر إنه بكسر الهمزة ورواية الكشميهني مؤيدة لقول الطيبي إن جعلت ما نافية الخ كما قال بعد ذلك، ويؤيده أنه وقع في شرح السنة فوالله ما علمت إلا أنه في رواية الواقدي فإنه يحب الله ورسوله ولا إشكال فيها لأنها جاءت تعليلاً لقوله لا تفعل.
وفي الحديث الرد على من زعم أن مرتكب الكبيرة كافر لثبوت النهي عن لعنه وأنه لا تنافي بين ارتكاب النهي وثبوت محبة الله ورسوله في قلب المرتكب لأنه ﷺ أخبر أن المذكور يحب الله ورسوله مع ما صدر منه وكراهة لعن شارب الخمر، وقيل المنع في حق من أقيم عليه الحد لأن الحد كفر عنه الذنب، وقيل المنع مطلقًا في حق ذي الزلة والجواز مطلقًا في حق المهاجرين، وصوّب ابن المنير أن المنع مطلقًا في حق المعين والجواز في حق غير المعين لأنه في حق غير المعين زجر عن تعاطي ذلك الفعل، واحتج الإمام البلقيني على جواز لعن المعين بالحديث الوارد في المرأة