وبه قال:(حدّثنا عبد الله بن مسلمة) القعنبي قال: (حدّثنا مالك) الإمام (عن ابن شهاب) الزهري (عن عروة بن الزبير) بن العوّام (عن عائشة ﵂ زوج النبي ﷺ، قالت: خرجنا مع النبي ﷺ) لخمس بقين من ذي القعدة (في حجة الوداع) سميت بذلك لأنه ﷺ ودّع الناس فيها (فأهللنا بعمرة)، أدخلناها على الحج بعد أن أهللنا به في الابتداء كما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى، (ثم قال النبي ﷺ): لمن معه بعد إحرامهم بالحج ودنوّهم من مكة بسرف كما في رواية عائشة أو بعد طوافهم بالبيت فهم بالبيت كما في رواية جابر أو قاله مرتين في الموضعين وأن العزيمة كانت آخرًا حين أمرهم بفسخ الحج إلى العمرة.
(من كان معه هدي) بإسكان الدال وتخفيف الياء وبكسر الدال وتشديد الياء والأولى أفصح وأشهر اسم لما يهدى إلى الحرم من الأنعام وسوق الهدي سنة لمن أراد الإحرام بحج أو عمرة (فليهل بالحج مع العمرة ثم لا يحل) وفي اليونينية: بالنصب مصلح (حتى يحل منهما) أي من الحج والعمرة (جميعًا) وفيه دلالة على أن السبب في بقاء من ساق الهدي على إحرامه حتى يحل من الحج كونه أدخل الحج على العمرة لا مجرد سوق الهدي كما يقوله أبو حنيفة وأحمد وموافقوهما من أن المعتمر المتمتع إذا كان معه هدي لا يتحلل من عمرته حتى ينحر هديه يوم النحر، وقد تمسكوا بقوله في رواية عقيل عن الزهري في الصحيحين فقال رسول الله ﷺ:"من أحرم بعمرة ولم يهد فليحلل، ومن أحرم بعمرة وأهدى فلا يحل حتى ينحر هديه، ومن أهلّ بحج فليتم حجه" وهي ظاهرة في الدلالة لمذهبهم، لكن تأولها الشافعية على أن معناها ومن أحرم بعمرة وأهدى فليهلل بالحج ولا يحل حتى ينحر هديه، واستدلوا لصحة هذا التأويل بهذه الرواية لأن القصة واحدة فتعين الجمع بين الروايتين.