للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبسط الكلام في هامش "اللامع" (١) على تلك المسألة، وفيه على قول الشيخ قُدِّس سرُّه: "وأما إذا عمَّم في الترجمة. . ." إلخ: وحاصل ما أفاده الشيخ أن الزيادة في ترجمة الباب تَعمّ زيادة المؤمن به كما هو نص آية الإكمال وزيادةَ التصديق القلبي كما مال إليه الحافظ تحذرًا عن تكرار الترجمة، وهذا واضح، وعلى هذا فلا يبقى إشكال تكرار الترجمة، ولا إشكال عدم التوافق بين الترجمة والآية والرواية.

قوله: (في قلبه وزن ذرة من خير) قال السيوطي (٢): الذرة الهباء الذي يظهر في شعاع الشمس، وقيل: النملة الصغيرة، قال ابن بطال: قال المهلب: الذرة أقل الموزونات، وهي في الحديث التصديق الذي لا يجوز أن يدخله النقص، وما في البرة والشعيرة من الزيادة على الذرة فإنما هي زيادة من الأعمال يكمل التصديق بها، وليست زيادة في نفس التصديق.

فإن قيل: لما أضاف هذه الأجزاء التي في الشعيرة والبرة الزائدة على الذرة إلى القلب دلَّ على أنها زائدة من التصديق لا من الأعمال، والجواب: أنه لما كان الإيمان التام إنما هو قول وعمل، والعمل لا يكون بنية وإخلاص من القلب، جاز أن ينسب العمل إلى القلب، إذ تمامه بتصديق القلب، وقد عبَّر عن هذه الأجزاء من الأعمال مرة بالخير ومرة بالإيمان، وكل شائع سائغ.

وقال غير المهلب: ويحتمل أن تكون الذرة وأختاها [التي] في القلب ثلاثتها من نفس التصديق؛ لأن قول لا إله إلا الله، لا يتم إلا بتصديق القلب، والناس يتفاضلون في التصديق، إذ يجوز عليه الزيادة بزيادة العلم لقوله تعالى: {أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا} [التوبة: ١٢٤]، وكذا بزيادة المعاينة لقوله تعالى: {وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: ٢٦٠]، وقوله: {ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ


(١) "لامع الدراري" (١/ ٥٩٣).
(٢) "التوشيح" (١/ ٢١٠)، وانظر: "فتح الباري" (١/ ١٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>