للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلالًا كان ممن اختار الضرب والهوان على التلفظ بالكفر، وكذلك خباب المذكور في هذا الباب ومن ذكر معه، وأن والدي عمار ماتا تحت العذاب، ولما لم يكن ذلك على شرط الصحة اكتفى المصنف بما يدلّ عليه، انتهى.

وتقدم في الباب السابق عن القسطلاني أنهم اتفقوا على أنه يجوز له إِجراء كلمة الكفر، والأفضل والأولى أن يثبت المسلم على دينه، ولو أفضى إلى قتله، وهكذا نقل الاتفاق على الجواز الحافظ ابن كثير في "تفسيره"، ويستفاد من كلام الحافظ في "الفتح" أن فيه بعض خلاف، فقد نقل عن ابن التِّين بأن العلماء متفقون على اختيار القتل على الكفر، وقال: ونقل عن المهلب: أن قومًا منعوا من ذلك، واحتجوا بقوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: ٢٩]، إلى آخر ما في "الفتح".

[(٢ - باب في بيع المكره ونحوه في الحق وغيره)]

قال الحافظ (١): قال الخطابي: استدل البخاري بحديث الباب على جواز بيع المكره، والحديث ببيع المضطر أشبه، فإن المكره على البيع هو الذي يحمل على بيع الشيء شاء أو أبى، واليهود لو لم يبيعوا أرضهم لم يلزموا بذلك، ولكنّهم شحوا على أموالهم، فاختاروا بيعها، فصاروا كأنهم اضطروا إلى بيعها، كمن رهقه دين فاضطر إلى بيع ماله، فيكون جائزًا، ولو أكرهه عليه لم يجز، قلت: لم يقتصر البخاري في الترجمة على المكره، وإنما قال: بيع المكره ونحوه، فدخل في ترجمته المضطر، وكأنه أشار إلى الردّ على من لا يصحح بيع المضطر، انتهى من "الفتح".

وفي "الفيض" (٢): قوله: "ونحوه" فسّره العيني بالمضطر، ليعمّ الإكراه الفقهي وغيره؛ كالبيع في أيام القحط، فإن الناس يتبايعون فيها بالغبن الفاحش، ولا يسمى ذلك إكراهًا فقهيًا، فهو إذن بيع المضطر، انتهى.


(١) "فتح الباري" (١٢/ ٣١٧).
(٢) "فيض الباري" (٦/ ٤١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>