للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عثمان وطلحة وعبد الرحمن بن عوف، وكان عمر دلّالًا رضي الله عنهم أجمعين، إلى آخر ما بسط.

(٢٩ - باب ذكر القين والحدّاد)

قال الحافظ (١): قال ابن دريد: أصل القين الحدّاد ثم صار كل صائغ عند العرب قينًا، فقال الزجاج: القين الذي يصلح الأسنة، والقين أيضًا الحدّاد، وكأن البخاري اعتمد القول الصائر إلى التغاير بينهما، وليس في الحديث الذي أورده في الباب إلا ذكر القين، وكأنه ألحق الحدّاد به في الترجمة لاشتراكهما في الحكم، انتهى.

وتعقب عليه العلامة العيني (٢) فقال: لا يحتاج إلى هذا التكلف، والوجه أن القين يطلق على معان كثيرة: يطلق على العبد والأمة، فعطف الحدّاد على القين ليعلم أن مراده من القين هو الحدّاد، انتهى.

وتبعه القسطلاني (٣) وجعل العطف تفسيريًا، وقد عرفت فيما سبق أن غرض المصنف بهذه التراجم بيان جواز هذه الحرف، ولا يبعد عندي أن الإمام البخاري أشار بالترجمة إلى ما سيأتي قريبًا في "باب العطار": "مثل الجليس السوء كمثل كير الحدّاد يحرق بيتك. . ." إلخ فهذا يوهم قباحة حرفة الحدّاد، وأيضًا أخرج أبو داود "أن رجلًا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وعليه خاتم من حديد فقال: ما لي أرى عليك حلية أهل النار" (٤) الحديث، وهذا أيضًا يوهم أن الحدّاد صائغ لحلية أهل النار فنبَّه الإمام البخاري بالترجمة والحديث على كونها من حرف بعض الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.

قوله: (كنت قينًا في الجاهلية) إنما استدل بفعله في الجاهلية لأنه لو كان حرامًا لما طلب الواجب بعمله الحرام بعد ما أسلم، والظاهر أنه


(١) "فتح الباري" (٤/ ٣١٨).
(٢) "عمدة القاري" (٨/ ٣٦٠).
(٣) "إرشاد الساري" (٥/ ٦٠).
(٤) "سنن أبي داود" (ح: ٤٢٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>